كتاب بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث - ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

347- حَدَّثنا أَبُو الْحَسَنِ بِشْرُ بْنُ أَبِي بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ، أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثنا حَيَّانُ الْبَصْرِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نُوحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ, قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيه وَسَلمَ, وَأَقْبَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ, فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَخْتَلِجَ دُونَهَا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، وَمَا أَسْرَعُ مَا يُقْطَعُ بِهِ ذَلِكَ الطَّرِيقُ؟ قَالَ: الظَّمَأُ فِي الْهَوَاجِرِ، وَحَبْسُ النَّفْسِ عَنْ لَذَّةِ النِّسَاءِ، يَا أُسَامَةُ, وَعَلَيْكَ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ إِلَى الله، إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَى الله مِنْ رِيحِ فَمِ الصَّائِمِ، تَرَكَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لِلَّهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْمَوْتُ وَبَطْنُكَ جَائِعٌ, وَكَبِدُكَ ظَمْآنُ, فَافْعَلْ، فَإِنَّكَ تُدْرِكُ بِذَلِكَ شَرَفَ الْمَنَازِلِ فِي الآخِرَةِ، وَتَحُلُّ مَعَ النَّبِيِّينَ، يَفْرَحُ بِقُدُومِ رُوحُكِ عَلَيْهِمْ، وَيُصَلِّي عَلَيْكَ الْجَبَّارُ، وَإِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَكُلَّ كَبِدٍ جَائِعَةٍ تُخَاصِمُكَ إِلَى الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَدُعَاءَ عِبَادٍ قَدْ أَذَابُوا اللُّحُومَ, وَأَحْرَقُوا الْجُلُودَ بِالرِّيَاحِ وَالسَّمَائِمِ, وَأَظْمَأُوا الأَكْبَادَ حَتَّى غَشِيَتْ أَبْصَارُهُمْ، فَإِنَّ الله إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمْ سُرَّ بِهِمْ الْمَلاَئِكَةُ، بِهِمْ تُصْرَفُ الزَّلاَزِلُ وَالْفِتَنُ، ثُمَّ بَكَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وَسَلمَ, حَتَّى اشْتَدَّ نَحِيبُهُ, وَهَابَ النَّاسُ أَنْ يُكَلِّمُوهُ, حَتَّى ظَنُّوا أَنَّ أَمْرًا قَدْ حَدَثَ بِهِمْ مِنَ السَّمَاءِ، ثُمَّ سَكَتَ, فَقَالَ: وَيْحٌ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مَنْ أَطَاعَ رَبَّهُ مِنْهُمْ، كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَطَاعُوا الله، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: يَا رَسُولَ الله، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الإِسْلاَمِ؟ قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: فَفِيمَ إِذًا يَقْتُلُونَ مَنْ أَطَاعَ الله وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ؟ فَقَالَ: يَا عُمَرُ, تَرَكَ الْقَوْمُ الطَّرِيقَ، وَرَكِبُوا الدَّوَابَّ، وَلَبِسُوا أَلْيَنَ الثِّيَابِ، وَخَدَمَتْهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ، يَتَزَيَّنُ مِنْهُمْ تَزَيُّنَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا، وَتَبَرُّجَ النِّسَاءِ، زِيُّهُمْ زِيُّ الْمُلُوكِ، وَدِينُهُمْ دِينُ كِسْرَى, وَهُرْمُزَ، يُسَمِّنُونَ مَا يَعُودُ بِالْجَشَا وَاللِّبَاسِ،

الصفحة 431