كتاب بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث - ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 1)

فَقَالَ: يَا قَيْسُ, أَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوْلاَكَ؟ قُلْتُ: لاَ، بَلْ مَالِي، قَالَ: فَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا بَقِيَ فَلِوَرَثَتِكَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، لَئِنْ بَقِيَتْ لأَدَعَنَّ عِدَّتَهَا قَلِيلاً، قَالَ الْحَسَنُ: فَفَعَلَ رَحِمَهُ الله، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَى بَنِيهِ, فَقَالَ: يَا بَنِيَّ, خُذُوا عَنِّي، فَإِنَّهُ لاَ أَحَدَ أَنْصَحُ لَكُمْ مِنِّي، إِذَا أَنَا مُتُّ فَسَوِّدُوا كَبِيرَكُمْ، وَلاَ تُسَوِّدُوا صَغِيرَكُمْ, فَتَسْتَسْفِهَ النَّاسُ كِبَارَكُمْ، وَعَلَيْكُمْ بِإِصْلاَحِ الْمَالِ؛ فَإِنَّهُ مَنْبَهَةٌ لِلْكَرِيمِ، وَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنِ اللَّئِيمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ، فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الْمَرْءِ، وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَدٌ إِلاَّ وَتَرَكَ كَسْبَهُ، وَكَفِّنُونِي فِي ثِيَابِي الَّتِي كُنْتُ أُصَلِّي فِيهَا وَأَصُومُ، وَإِيَّاكُمْ وَالنِّيَاحَةَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلى الله عَلَيه وَسَلمَ يَنْهَى عَنْهَا، وَادْفِنُونِي فِي مَكَانٍ لاَ يَعْلَمُ بِي أَحَدٌ، فَإِنَّهُ كَانَتْ تَكُونُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ خَمَاشَاتٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخَافُ أَنْ يُدْخِلُوهَا عَلَيْكُمْ فِي الإِسْلاَمِ, فَيُفْسِدُوا عَلَيْكُمْ دِينَكُمْ، قَالَ الْحَسَنُ رَحِمَهُ الله: نَصَحَهُمْ فِي الْحَيَاةِ وَالْمَمَاتِ.
قُلْتُ: رَوَى النَّسَائِيُّ مِنْهُ النَّهْيَ عَنِ النِّيَاحَةِ فَقَطْ.

الصفحة 529