كتاب عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة (اسم الجزء: 2)

وقال أبو الحسن اللخمي: ((إن كان الإشهاد للتوثيق فلا تقبل دعواه الرد إلا ببينة، وإن كان خوف الموت، أو باستدعاء المودع خوفاً أن يقال: هي سلف، كان القول قوله في (الرد بغير بينة)؛ فأما دعواه الرد على غير من ائتمنه كدعوى الرد على وارث المالك أو وكيله، فلا يقبل إلا ببينة، وكذلك دعوى وارث المودع على المالك يفتقر إلى البينة أيضاً، وسواء كان القبض في جميع هذه الصور الثلاث ببينة أو بغير بينة)).

الفرع الثاني: [إذا] ادعى رجلان وديعة عنده فقال: هي لأحدكما وقد نسبت عينه، فقيل: يتحالفان، فإن حلفا قسمت بينهما، وإن نكل أحدهما انفرد بها الحالف ولا ضمان عليه. وقيل: يضمن لكل (واحد منهما) ما ادعاه لنسيانه. قال الشيخ أبو إسحاق: الاختيار إغرامه، وبالآخر يقول أشهب. وقد قاله ابن القاسم مرة أخرى.
الفرع الثالث: إذا طلب المودع عند الرد أجراً على حفظ الوديعة لم يكن له، إلا أن تكون مما يشغل منزله فيطلب أجرة الموضع الذي كانت فيه فذلك له. وإن احتاجت إلى غلق أو قفل، فذلك على ربها.
الفرع الرابع: إذا أودع وديعة لشخص فخانه وجحده، ثم استودعه مثلها، فهل يحل له أن يجحده فيها أم لا؟. قال الشيخ أبو الوليد: ((في المسألة خمسة أقوال:
الأول: المنع. وإشارته به إلى رواية ابن القاسم في الكتاب: ((لا يفعل)).
والثاني: الكراهة، وإشارته به إلى رواية أشهب: لا آمره بذلك، ولا آمره إلا بطاعة الله، وإن أردت أن تفعله فأنت أعلم.
والثالث: الإباحة، وإشارته به إلى قول ابن عبد الحكم، إذ قال له: أن يأخذه إن كان عليه دين.
والرابع: الاستحباب، وإشارته (به) إلى ما حكاه عن ابن الماجشون من قوله: أرى له استعمال الحيلة بكل ما يقدر عليه حتى يأخذ حقه.

الصفحة 855