كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل باب أحدهم، ولو شئت أذن لي، ولكن أبغي بذلك طيب نفسه.
441 - وأخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، نا علي بن محمد، نا أحمد بن داود، نا سحنون، نا ابن وهب قال: أخبرنى مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: (إن الناس يقولون: أكثر أبو هريرة، ولو لا آيتان في كتاب اللّه عز وجل ما حدثت حديثا ثم تلا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ
وإِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى
وإن أخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإخواننا الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون).
قال أبو عمرو - رحمه اللّه -: في هذا الحديث من الفقه معان منها: أن الحديث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حكمه حكم كتاب اللّه عز وجل المنزل، ومنها إظهار العلم، ونشره وتعليمه، ومنها ملازمة العلماء والرضا باليسير للرغبة في العلم، ومنها الإيثار للعلم على الاشتغال بالدنيا وكسبها.
وروى ابن أبي الزناد، عن أبيه قال: (رأيت عمر بن العزيز يأتي عبيد اللّه بن عبد اللّه يسأله عن علم ابن عباس، فربما أذن له وربما حجبه).
وأنشدنى خلف بن القاسم لابن المبارك في أبيات لا أقوم بحفظها في وقتي هذا:
آخر العلم لذيذ طعمه ... وبديء الذوق منه كالصبر
442 - وأخبرنا عبد اللّه بن محمد، نا يحيى بن مالك وعبد اللّه بن محمد قالا: نا عمر ابن أبي تمام، ثنا محمد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، نا أبو زيد بن أبي الغمر، عن ابن القاسم قال: كان مالك يقول: (إن هذا الأمر لن ينال حتى يذاق فيه طعم الفقر) وذكر ما نزل بربيعة من الفقر في طلب العلم حتى باع خشب سقف بيته في طلب العلم، وحتى كان يأكل ما يلقى على مزابل المدينة من الزبيب وعصارة التمر.

الصفحة 136