كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

447 - وحدثني أحمد بن محمد وعبد الوارث بن سفيان قالا: نا قاسم بن أصبغ، نا أبو عبيدة بن أحمد، نا محمد بن إدريس المكي قال: سمعت الحميدي يقول: قال محمد بن ادريس الشافعي - رحمه اللّه -: (كنت يتيما في حجر أمي، فدفعتني في الكتاب ولم يكن عندها ما تعطي المعلم، فكان المعلم قد رضي مني أن أخلفه إذا قام، فلما ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء وكنت أسمع الحديث أو المسألة فأحفظها، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أن اشتري به قراطيس قط، فكنت وإذا رأيت عظما يلوح، أخذه فأكتب فيه، فإذا امتلأ طرحته في جرة كانت لنا قديمة. قال: ثم قدم وآل على اليمن فكلمه لي بعض القرشيين أن أصحبه، ولم يكن عند أمي ما تعطيني أتحمل به، فرهنت دارها بستة عشر دينارا فأعطتني فتحملت بها معه، فلما قدمنا اليمن، استعملني على عمل فحمدت فيه، فزادني عملا فحمدت فيه، فزادني عملا، وقدم العمار مكة في رجب فأثنوا عليّ، فطار لي بذلك ذكر، فقدمت من اليمن فلقيت ابن أبي يحيى فسلمت عليه فوبخني وقال: تجالسونا وتصنعون وتصنعون، فإذا شرع لأحدكم شيء دخل فيه أو نحو هذا من الكلام. قال: فتركته ثم لقيت سفيان بن عينية فسلمت عليه فرّحب بي وقال: قد بلغتنا ولايتك فما أحسن، إنتشر عنك وما أديت كل الذي للّه عليك، فلا تعد، قال: فكانت موعظة سفيان أياي أبلغ مما صنع به أبو يحيى. وذكر خبرا طويلا في دخوله العراق، وملازمته محمد بن الحسن ومناظرته له. تركته لأنه ليس مما قصدنا له في هذا الباب.
وكتب الشافعي - رحمه اللّه - إلى محمد بن الحسن إذ منعه كتبه:
قل لمن ترى عين ... من رآه مثله
ومن كان من رآه ... قد رأى من قبله
العلم يأبى أهله ... أن يمنعوه أهله
لعله يبذله ... لأهله لعله
فوجه إليه محمد بن الحسن ما أراد من كتبه فكتبها.

الصفحة 138