كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

ولقد أحسن القائل:
قالوا نراك طويل الصمت قلت ... لهم: ما طول صمتي من عيّ ولا خرس
لكنه أحمد الأشياء عاقبة ... عندي، وأيسره من منطقه شكس
أأنشر البر فيمن ليس يعرفه ... أم أنشر الدر بين العمي في الغلس
ومن قول النبي صلى اللّه عليه وسلم مرفوعا: (واضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير اللؤلؤ والذهب).
ولقد أحسن صالح بن عبد القدوس في قوله، ويروى لسابق:
وإذا حملت إلى سفيه حكمة ... فلقد حملت بضاعة لا تنفق
فإن قال قائل: إن بعض الحكماء كان يحدث بعلمه صبيانه وأهله ولم يكونوا لذلك بأهل، فقيل له: إنما فعل ذلك من فعله منهم لئلا ينسى.
495 - حدثنا عبد الوارث بن سفيان، نا قاسم بن أصبغ، نا أحمد بن زهير، قال:
حدثنا أبى وابن الأصبهاني، والأخنس قالوا: حدثنا ابن فضيل، عن الأعمش: (إن إسماعيل ابن رجاء كان يجمع صبيان الكتاب يحدثهم لئلا ينسى حديثه).
496 - قال: وأخبرنا أبو محمد التميمي، نا أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز: (أن عطاء الخراساني كان إذا لم يجد أحدا أتى المساكين فحدثهم، يريد بذلك الحفظ) 497 - وبه عن سعيد بن عبد العزيز أن خالد بن يزيد بن معاوية كان إذا لم يجد أحدا يحدث جواريه ثم يقول: (إني لأعلم أنكن لستن له بأهل) يريد بذلك الحفظ.
وقد كانوا يكرهون تكرير الحديث، وكان بعضهم وهو علقمة يقول: (كرره لئلا يدرس)، ولكل وجه لا يدفع، وباللّه التوفيق.

الصفحة 154