كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

606 - وحدثنا أحمد بن قاسم، نا قاسم بن أصبغ، نا محمد بن إسماعيل، نا نعيم بن حماد، نا ابن المبارك، نا حيوة بن شريح قال: سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول: (إن المتكلم لينتظر الفتنة، وإن المنصت لينتظر الرحمة).
وقالوا: (فضل العقل على المنطق حكمة، وفضل المنطق على العقل هجنة) وقالوا: (لا يجتريء على الكلام إلا فائق ومائق).
607 - حدثنا عبد الوارث، نا قاسم، نا أحمد بن زهير، نا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي قال: سمعت أبا الذيال يقول: (تعلم الصمت كما تتعلم الكلام). فإن يكن الكلام يهديك، فإن الصمت يقيك، ولك في الصمت خصلتان: تأخذ خصلة بها علم من هو أعلم منك، وتدفع به عنك جهل من هو أجهل منك).
قال الحوطي: كان أبو الذيال يتكلم بالحكمة، ولم أسمع منه غير هذا في الصمت.
وكان عمر بن عبد العزيز كثيرا ما يتمثل بهذه الأبيات:
يرى مستكينا وهو للهو ما قت ... به عن الحديث القوم ما هو شاغله
وأزعجه علم عن اللهو كله ... وما عالم شيئا كمن جاهله
عبوس عن الجهال حين يراهم ... فليس له منهم خدين يهاز له
يذكر ما يبقى من العيش آجلا ... فيشغله عن عاجل العيش آجله
قال أبو عمر: قد أكثر الناس من النظم في فضل الصمت، ومن أحسن ما قيل في ذلك ما ينسب إلى عبد اللّه بن طاهر، وهو قوله:
أقلل كلامك واستعذ من شره ... إن البلاء ببعضه مقرون
احفظ لسانك واحتفظ من عيه ... حتى يكون كأنه مسجون
وكل لسانك وقل له ... إن الكلام عليكما موزون

الصفحة 192