كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

فصل
635 - وروينا عن ابن هارون العبدي وشهر بن حوشب قالا: (كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري - رضي اللّه عنه - يقول: مرحبا بوصية رسول اللّه، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ستفتح لكم الأرض، ويأتيكم قوم -، أو قال: غلمان - حديثه أسنانهم، يطلبون العلم، ويتفقهون في الدين، ويتعلمون منكم، فإذا جاءوكم فعلموهم، وألطفوهم، ووسعوا لهم في المجلس، وفهموهم الحديث). فكان أبو سعيد يقول لنا: مرحبا بوصية رسول اللّه، أمرنا رسول اللّه أن نوسع لكم في المجلس، وأن نفهمكم الحديث.
636 - ويروى عن عليّ بن أبي طالب - رضي اللّه عنه - أنه قال: (من حق العالم عليك إذا أتيته أن تسلم عليه خاصة، وعلى القوم عامة، وتجلس قدامه، ولا تشر بيديك، ولا تغمز بعينيك، ولا تقل: قال فلان خلاف قولك، ولا تأخذ بثوبه، ولا تلح عليه في السؤال، فإنه بمنزلة النخلة المرطبة لا يزال يسقط عليك منها شيء).
وقالوا: (من تمام آلة العالم أن يكون مهيبا وقورا، بطيء الالتفات، قليل الإشارات، لا يصخب، ولا يلعب، ولا يجفو، ولا يلغو) وقد قيل: إن هذا لا يحتاج إليه مع أداء ماللّه عليه) وبلغني أن إسماعيل بن إسحاق قيل له: (لو ألفت كتابا في أدب القضاة؟ قال: وهل للقاضي أدب غير أدب الإسلام؟ ثم قال: إذا قضى القاضي بالحق، فليقعد في مجلسه كيف شاء، ويمد رجليه إن شاء).
وقالوا: (الواجب على العالم أن لا يناظر جاهلا ولا لجوجا، فإنه يجعل المناظرة ذريعة إلى التعلم بغير شكر).
وقال أيوب بن القرية: (أحق الناس بالإجلال ثلاثة: العلماء، والإخوان والسلطان، فمن استخف بالعلماء أفسد دينه، ومن استخف بالإخوان أفسد مروءته، ومن استخف بالسلطان

الصفحة 205