كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

أفسد دنياه، والعاقل لا يستخف بأحد. قال: والعاقل الدين شريعته، والحلم طبيعته، والرأي الحسن سجيته).
قال أبو عمر: وآداب المناظرة يطول الكتاب بذكرها، وقد ألف قوم في أدب الجدل وأدب المناظرة كتبا، من طالعها وقف على المراد منها، وفيما ذكرناه في هذه الفصول عن السلف من جهة الآثار ما يغنى ويكفي، بل ما يغني ويشفي من جهة اتباع السلف على طرائقهم وهديهم، فهو العلم والأدب لمن وفق لفهمه.
وأحسن ما رأيت في آداب التعلم والتفقه من النظم ما ينسب إلى اللؤلؤي من الرجز وبعضهم ينسبونه إلى المأمون، وقد رأيت إيراد ما ذكر من ذلك لحسنه، ولما رجوت من النفع به لمن طالع كتابي هذا، نفعنا اللّه وإياه به قال:
واعلم بإن العلم بالتعلم ... والحفظ والإتقان بالتفهم.
والعلم قد يرزقه الصغير ... في سنه ويحرم الكبير
وإنما المرء بأصغريه ... ليس برجليه ولا يديه
لسانه وقلبه المركب ... في صدره وذلك خلق عجب
والعلم بالفهم والمذاكرة ... والدرس والفكرة والمناظرة
فرب إنسان ينال الحفظا ... ويورد النص ويحكي اللفظا
وماله في غيره نصيب ... مما حواه العالم الأديب
ورب ذى حرص شديد الحب ... للعلم والذكر بليد القلب
معجز في الحفظ والرواية ... ليست له عمن روى حكاية
وآخر يعطى بلا اجتهاد ... حفظا لما قد جاء في الإسناد
يهزه بالقلب لا بناظره ... ليس بمضطر إلى قماطره
فالتمس العلم وأجمل في الطلب ... والعلم لا يحسن إلا بالأدب
والأدب النافع حسن السمت ... وفي كثير القول بعض المقت

الصفحة 206