كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

كباركم، فإذا كان العلم في صغاركم سفه الصغير الكبير).
684 - حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، نا عمر بن محمد، نا علي بن عبد العزيز، نا أبو نعيم الفضل بن دكين، نا سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن وهب، عن عبد اللّه ابن مسعود قال: (لا يزال الناس بخير ما آتاهم العلم من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومن أكابرهم، فإذا جاءهم العلم من قبل أصاغرهم فذلك حين هلكوا) قال أبو عمر: قد تقدم من تفسير ابن المبارك وأبي عبيد لمعنى الأصاغر في هذا الباب ما رأيت، وقال بعض أهل العلم:
إن الصغير المذكور في حديث عمر وما كان مثله من الأحاديث إنما يراد به الذي يستفتى ولا علم عنده، وإن الكبير هو العالم في أي شيء كان.
وقالوا: (الجاهل صغير، وإن كان شيء، والعالم كبير وإن كان حدثا) واستشهد بقول الأول حيث قال:
تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كان كبير القوم لا علم عنده ... صغير إذا التفت عليه المحافل
واستشهد بعضهم بأن عبد اللّه بن عباس - رضي عنه - كان يستفتى وهو صغير، وأن معاذ ابن جبل وعتاب بن أسيد كان يفتيان وهما صغيرا السن، وولاهما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الولايات مع صغر سنهما، ومثل هذا في العلماء كثير.
ويحتمل أن يكون معنى الحديث على ما قال ابن المعتز: (عالم الشباب محقور، وجاهله معذور) واللّه أعلم بما أراد.
وقال آخرون: (إنما معنى حديث ابن عمر وابن مسعود في ذلك أن العلم إذا لم يكن عن الصحابة كما جاء في حديث ابن مسعود، ولا كان له أصل في القرآن والسنة والإجماع، فهو علم يهلك به أصحابه، ولا يكون حامله إماما ولا أمينا ولا مرضيا كما قال ابن مسعود - رضي اللّه عنه -، وإلى هذا نزع أبو عبيد - رحمه اللّه).
ونحوه ما جاء عن الشعبي: (ما حدثوك عن أصحاب محمد صلى اللّه عليه وو سلم فشد عليه يدك، وما حدثوك من رأيهم فبل عليه).

الصفحة 221