كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

ومثله أيضا قول الأوزاعي: (العلم ما جاء عن أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم، وما لم يجيء عن واحد منهم فليس بعلم).
وقد ذكرنا خبر الشعبي وخبر الأوزاعي بإسناديهما في باب معرفه ما يقع عليه اسم العلم حقيقة من هذا الكتاب والحمد للّه.
وقد يحتمل حديث هذا الباب أن يكون أراد أن أحق الناس بالعلم والتفقه أهل الشرف والدين والجاه، فإن العلم إذا كان عندهم لم تأنف النفوس من الجلوس إليهم، وإذا كان عند غيرهم وجد الشيطان السبيل إلى احتقارهم، وواقع في نفوسهم أثرة الرضا بالجهل أنفة من الإختلاف إلى من لا حسب له ولا دين، وجعل ذلك من أشراط الساعة وعلاماتها، ومن أسباب رفع العلم، واللّه أعلم أي الأمور أراد عمر - رضي اللّه عنه - بقوله، فقد ساد بالعلم قديما الصغير والكبير، ورفع اللّه عز وجل به درجات من أحب.
روى مالك، عن زيد بن أسلم أنه قال في قول اللّه تعالى: (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) قال: (بالعلم).
685 - حدثنا خلف بن القاسم وعلى بن إبراهيم قالا: نا الحسن بن رشيق، نا محمد بن رزيق بن جامع، نا الحارث بن مسكين قال: أخبرني ابن القاسم قال: (قال مالك بن أنس:
سمعت زيد بن أسلم يقول في هذه الآية: نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ
قال: بالعلم يرفع اللّه عز وجل من يشاء في الدنيا). ومما يدل على أن الأصاغر من لا علم عنده ما ذكره: عبد الرزاق وغيره، عن معمر، عن الزهري قال: (كان مجلس عمر مغتصا من القراء شبابا، وكهولا، فربما استشارهم ويقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأيه، فإن العلم ليس على حداثة السن وقدمه، ولكن اللّه يضعه حيث يشاء.
686 - حدثنا خلف بن القاسم، نا محمد بن القاسم بن شعبان، نا الحسين بن محمد، نا إسماعيل بن محمد، نا أحمد بن نصر بن عبد اللّه، نا نصر بن الرباب، عن الحجاج بن أرطأة، عن مكحول قال: (تفقه الرعاع فساد الدين، وتفقه السفلة فساد الدين).
687 - حدثنا عبد الرحمن بن يحيى، نا أحمد بن سعيد، نا إسحاق بن إبراهيم ابن نعمان، نا محمد بن علي بن مروان قال: حدثني الأعين قال: سمعت الفريابي يقول: (كان سفيان إذا رأى هؤلاء النبط يكتبون العلم يتغير وجهه فقلت له: يا أبا عبد اللّه نراك إذا رأيت هؤلاء يكتبون العلم يشتد عليك، فقال: (كان العلم في العرب وسادة الناس، فإذا خرج عنهم وصار إلى هؤلاء - يعنى النبط والسفلة - غير الدين.

الصفحة 222