كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

ابن شبرمة: (أنا أول من سمى أصحاب المسائل: الهداهد).
وقال:
سألنا فلم نألوا وعم سؤالنا ... وكم من عريف طرحته الهداهد
1171 - حدثنا عبد الوارث بن سفيان، ثنا قاسم بن أصبغ ووهب بن مسرة قالا: نا ابن وضاح، ثنا أبو جعفر هارون بن سعيد بن الهيثم الأيلي قال: أنا عبد اللّه بن مسلمة القرشي قال: سمعت مالكا يقول: (ما زال هذا الأمر معتدلا حتى نشأ أبو حنيفة فأخذ فيهم بالقياس فما أفلح ولا أنجح).
قال ابن وضاح: وسمعت أبا جعفر الأيلى يقول: سمعت خالد بن نزار يقول: سمعت مالكا يقول: (لو خرج أبو حنيفة على الأمة بالسيف كان أيسر عليهم مما أظهر فيهم من القياس والرأي).
1172 - وحدثنا خلف بن القاسم، ثنا أبو طالب محمد بن زكريا، ثنا موسى بن هارون ابن إسحاق الهمداني، عن الحميدي، عن ابن عيينة قال: (لم يزل أمر أهل الكوفة معتدلا حتى نشأ فيهم أبو حنيفة).
قال موسى: وهو من أبناء سبايا الأمم، أمه سندية، وأبوه نبطي قال: والذين ابتدعوا الرأي الثلاثة وكلهم من أبناء سبايا الأمم وهم: ربيعة بالمدينة، وعثمان البتي بالبصرة، وأبو حنيفة بالكوفة.
قال أبو عمر: وأفرط أصحاب الحديث في ذم أبي حنيفة رحمه اللّه، وتجاوزوا الحدّ في ذلك، والسبب الموجب لذلك عندهم إدخاله الرأي والقياس على الآثار واعتبارهما، وأكثر أهل العلم يقولون: إذا صح الأثر من جهة الإسناد بطل القياس، والنظر وكان رده لما رد من الأحاديث بتأويل محتمل، وكثير منه في تقدمه إليه وغيره وتابعه عليه مثله ممن قال بالرأي، وجل ما يوجد له من ذلك ما كان منه اتباعا لأهل بلده كإبراهيم النخعي وأصحاب ابن مسعود، إلا أنه أغرق وأفرط في تنزيل النوازل هو وأصحابه، والجواب فيها برأيهم واستحسانهم، فيأتي منهم في ذلك خلاف كثير للسلف، وشنع هي عند مخالفيهم بدع، وما أعلم أحدا من أهل العلم إلا وله تأويل في آية أو مذهب في سنة، رد من أجل ذلك المذهب بسنة أخرى بتأويل سائغ أو ادعاء نسخ إلا أن لأبي حنيفة من ذلك كثيرا وهو يوجد لغيره قليل.

الصفحة 430