كتاب جامع بيان العلم وفضله - ت السعدني ط العلمية

1318 - أخبرنا عبد الوارث بن سفيان، نا قاسم بن أصبغ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، ثنا سليمان بن حرب، نا حماد بن زيد، عن أيوب أن رجلا قال لمطرف بن عبد اللّه ابن الشخير: (لا تحدثوا إلا بالقرآن، فقال له مطرف: واللّه ما نريد بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم بالقرآن منا).
وروى الأوزاعي، عن حسان بن عطية قال: (كان الوحي ينزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، ويخبره جبريل عليه السلام بالسنة التي تفسر ذلك).
قال الأوزاعي: (الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب).
قال أبو عمر: يريد أنها تقضى عليها، وتبين المراد منه، وهذا نحو قولهم: (ترك الكتاب موضوعا للسنة، وتركت السنة موضوعا للرأي).
وقد روى سعيد بن منصور، عن عيسى بن يونس، عن الأوزاعي، عن مكحول قال:
(القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن).
وبه الأوزاعي قال: قال يحيى بن أبي كثير: (السنة قاضية على الكتاب، وليس الكتاب بقاض على السنة).
وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد اللّه - يعني أحمد بن حنبل - وسئل عن الحديث الذي روي أن السنة قاضية على الكتاب، فقال: (ما أجسر على هذا أن أقوله، ولكني أقول:
إن السنة تفسر الكتاب وتبينه).
وقال الفضل: وسمعت أحمد بن حنبل وقيل له: أتنسخ السنة شيئا من القرآن؟ قال:
(لا ينسخ القرآن إلا القرآن).
قال أبو عمر: هذا قول الشافعي - رحمه اللّه -: إن القرآن لا ينسخه إلا قرآن مثله. لقول اللّه: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ، وقوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَاتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها، وعلى هذا جمهور أصحاب مالك إلا أبا الفرج، فإنه إضافه إلى مالك قول الكوفيين في ذلك:
(إن السنة تنسخ القرآن بدلالة قوله: (لا وصية لوارث).
وقد بينا هذا المعنى في غير موضع من كتبنا والحمد للّه.

الصفحة 486