كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 102@وإن يكن غير ذلك بكيت ما عشت في الدنيا ، قال : أم حارثة إنها ليست بجنة ، ولكنها جنة في جنان ، والحارثة في الفردوس الأعلى فرجعت وهي تضحك وتقول : بخ بخ لك يا حارثة.
|فأخبر في هذا الحديث أن من عمل بما علم نور الله تعالى قلبه ، ومن نور الله تعالى قلبه كوشف عن كثير من أحوال الغيب ، وعلم ما لم يتعلم من جهة اليقين ، فيما تعلم لا أنه يعلم أشياء من الأحكام وغيره من غير اجتهاد في تعلمه حتى يعلم القرآن وأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وأحكام الدين من غير تعلم ليس كذلك ، ولكن يكاشف وينهتك الحجب بينه وبين كثير من أحوال الغيب ، فلا يتعرضه الشكوك ، ولا ينازعه الخواطر في الحق ، وبيانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الحق ينطق على لسان عمر فهذه أوصاف الكبراء ومن كان بهذه الصفة تجلى على قدر زمانه ، وفي بعض النسخ تجلى قدره على أهل زمانه فإنه يجالس في التوقير ، والإجلال ، والتعظيم ، وذم الجوارح ، ومراقبة الخواطر ، فإن أهل الصدق لهم نور يقفون على كثير من أحوال الناس.
|قال عبد الله بن محمد الانطاكي : إذا جالستم أهل الصدق فجالسوهم بالصدق فإنهم جواسيس القلوب يدخلون في اسراركم ، ويخرجون من هممكم ، ومن جالسهم فلا يجب أن يتعرض عليهم في أحوالهم ولا يبادرون بشيء ، وفي بعض النسخ ولا يبادون ، ولا ينكر عليهم حال ، ولكن يبصر عليهم حتى يكونوا هم الذين يكشفون لهم ما التبس عليهم من احوالهم ، ألا يرى إلى ما قال العبد الصالح لموسى عليهما السلام : {فلا تسألني عن شيء حتى احدث لك منه ذكرا} [الكهف : 70] وإنما يجالس الكبراء في أوقات يكون منهم البداية والأذن ، ولا يداخلون كل وقت فإن اوقاتهم لهم فيما بينهم وبين الله تعالى لا يحملهم فيها غيره ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : لي مع الله عز وجل وقت لا يسعي فيه غيره هذا حال النبي صلى الله عليه وسلم وحاله ارفع من أن يعلم ، أو يعبر عنه ، وأحوال سائر الكبراء على |

الصفحة 102