كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 133@وقال : إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينه وبينها إلا قيد شبر ، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار ، فهذا الحالف في آخر نهاره قد ختم نهاره بعمل من أعمال أهل النار ، وعسى يكون هذا آخر نهار عمره فيكون آخره عمله عمل سيئ فلا ينظر الله إليه.
|وكذلك مدمن الخمر لأن من ادمن على عمل وأقام عليه أدركه الموت عليه ، وكان ذلك آخر عمله ، ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم : عاصر الخمر ومعتصرها ، والمدمن لها جامع لهذه الأوصاف فهو جامع لهذه الملاعن كلها ، وأقام عليها ولم ينتقل عنها فأدركه الموت فيختم له به.
|والمنان بما أعطى منازع لله تعالى صفته التي لا يستحقها غيره لأن المنة بالعطاء لا يستحقها إلا الله عز وجل وحده لأنه يعطي من ملك نفسه ، ويعطي ما يعطي من غير وجوب ، فإن الله عز وجل بواجب عليه فعل شيء إذ له أن يعطي وله أن يمنع ، فإذا أعطى من غير وجوب ، وأعطى من ملكه لا من ملك غيره استحق الامتنان ، فأما من دونه فإنه إذا أعطى أعطى من ملك غيره لا من ملك نفسه ، لأن ما في أيدي العباد فملكه على الحقيقة لله عز وجل ، وما أعطى أعطى بوجوب لأن الله تعالى أوجب عليه الاعطاء ، ومن أعطى ما أعطى من ملك غيره لم يجز له أن يمن على من اعطى ، ومن أعطى ما وجب عليه لم يستوجب المنة ، فهو إذا من بما أعطى كأنه أدعى لنفسه الملك والحرية وانتقى من العبودية ونازع الله تعالى في صفته فلا ينظر الله عز وجل إليه ، قال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذى} [البقرة : 264] |

الصفحة 133