كتاب معاني الأخبار للكلاباذي
@ 134@وقوله : لا ينظر الله تعالى يفهم أي : لا يرحمهم ولا يتحنن عليهم ، ومعناه أن لا يرحم رحمة لا يعذبهم ، ولا يرحمهم رحمة لا يخلدهم في النار ، فيجوز أن لا يرحمهم عند الموت ، ولا يتحنن عليهم فينزل عليهم الملائكة بأن لا خوف عليكم ، ولا انتم تحزنون ، ولم يرحمهم إذا ادخلو حفرهم ، فقد قيل : ارحم ما يكون الله بعبده إذا دخل حفرته ، ورجع عنه مشيعوه ، ويجوز أن لا يرحمه في قبره ويرحمه في القيامة ، ويجوز أن لا يرحمهم في القيامة ويرحمهم بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم أو يرحمهم بعد أن يدخلهم النار ، ثم يرحمهم بعد أن يدخلهم النار ، ثم يرحمهم بإيمانهم فيخرجهم من النار وقد امتحشوا على ما جاء في الحديث.
|وقوله في الخبر الآخر : فيعمل بعمل أهل النار إنما هو الكفر والجحود والشرك الذي لا يجوز أن يغفره الله تعالى ، لأن أهل النار على الإطلاق هم المخلدون فيها ، ولا يخلد في النار إلا كل كفار اثيم ، فأما أهل الصلاة فهم أهل الجنة على الحقيقة لأنهم إليها صابرون وفيها مخلدون ، ودخولهم النار تأديب لهم وتطهير ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : أما أهل النار الذي هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ، وأما قوم يريد الله بهم الرحمة فإذا ألقوا فيها اماتهم الحديث ، فأخبر أن أهل النار هم الاشقون الذين يصلون النار الكبرى ، فلا يموتون ولا يحيون وهم الكفار ، وأما أهل الصلاة فليسوا من أهل النار بالحقيقة ، فإذا كان أهل النار هم الكفار كان عمل أهل النار على الإطلاق إنما يكون هو الكفر وسائر المعاصي دون الكفر فليس من عمل أهل النار على الإطلاق ، أو قد يجوز وقوعها من الأولياء وأفاضل المؤمنين ، ولا يجوز وقوع الكفر منهم إذ لا يجامع الكفر والإيمان وقد تجامع المعصية التي هي دون الكفر الايمان ، قال الله تعالى {خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا} [التوبة : 102] وقال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا توبوا توبة نصوحا} [التحريم : 8] وقال الله تعالى : {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون} [الصف : 2] وأمثالها في القرآن كثير.
الصفحة 134
392