كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 137@الأذل} [المنافقون : 8] فكأن الأذل هو الاعز عند نفسه نفسه بكثرة اتباعه وكثرة انصاره ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من اعتز بالمخلوق أذله الله ، وقال صلى الله عليه وسلم : من اعتز بمخلوق ذل ، ومن اهتدى برأيه ضل فالذلة هي التعزز بمن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، ولا يملك موتا ولا حياة ولا نشورا ، فهو كما قال الله عز وجل : {ضعف الطالب والمطلوب} [الحج : 73].
|ويجوز أن يكون الذلة الشذوذ عن الجماعة ، والاعتزال عن السواد الاعظم ، واتباع الهوى بمخالفة الكتاب والسنة والاتباع لغير سبيل المؤمنين فقد قال الله عز وجل : {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم} [النساء : 115] فلا أذل ممن رد إلى نفسه الأمارة بالسوء ، وانفرد في متابعة هواه وظلمه رأيه ، وانقطع عمن له العزة ، فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ، فمن انقطع عن الله عز وجل بإعراضه عن كتاب الله عز وجل ، واعرض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتركه لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالف أولياء الله عز وجل باتباعه غير سبيلهم ، فهو الوحيد العزيز الشريد الطريد الحقير الذليل النذر القليل ، جليس الشيطان ، وبغيض الرحمن ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكم بالجماعة فإن الذئب يأخذ الشاة والعاصية.
|فيجوز أن يكون الذلة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعوذ منها متابعة الهوى في دين الله عز وجل ، والتعزز بما دون الله تعالى : {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان : 13].
|وقوله : إن تظلم أو تظلم والظلم أنواع منها : الشرك وهو اعظمه ، قال الله تعالى : {إن الشرك لظلم عظيم} [لقمان : 13] ، ومنها : ظلم عباد الله وهو الإفلاس بين يدي الله ، والمصير إلى عذاب الله تعالى ، ومنها ظلم المرء نفسه وهو الحيرة يوم القيامة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الظلم ظلمات يوم القيامة ، لأن من ظلم نفسه منعها حقها الذي أوجب الله تعالى عليه لها من |

الصفحة 137