كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 143@صلى الله عليه وسلم قال لرجل : إذا آويت إلى فراشك فقل اللهم إني اسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك ، وألجأت ظهري إليك ، وفوضت أمري إليك رغبة ورهبة منك وإليك ، لا ملجأ ومنجا منك إلا إليك ، وفوضت أمري إليك رغبة ورهبة منك وإليك ، لا ملجأ ومنجا منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، ونبيك الذي ارسلت ، فإنك إن مت مت على الفطرة ، زاد أبو الاحوص وإن أصبحت أصبت خيرا.
|وقوله : أسلمت نفسي إليك تسليم المبيع إلى المشتري طوعا.
|وقوله : وجهت وجهي إليك هو الإقبال عليه والإعراض عما دونه.
|وقوله : ألجأت ظهري إليك هو الاعتماد عليه.
|وقوله : فوضت أمري إليك هو التوكل عليه رغبة إليه دون ما سواه من ملاذ النفس ومرافقها ورهبة منه لا من الآم النفوس ومكارهها ، لأن من سلم نفسه وفوض أمره فمطالبته حظوظ نفسه واتساق أموره مما لا يعنيه ، إذ ليس ذلك له وإليه ومن توجه إليه واقبل عليه لم يلتفت إلى شيء دونه ، ومن كان كذلك لم تكن رغبته في شيء دونه ولا يريد غيره ولا يطلب إلا رضاه ، والقربة منه والذلفى لديه ، ومن اعتمد في أحواله عليه وتوكل فيما يعامله به عليه فقد احترز من جميع المكاره ، بل تفرغ منها له فلا يخاف شيئا سواه ، ولا يرهب إلا منه لأنه ما عنده باق ، وإنما ينفذ ما عند غيره فهذا عبد لا يرى غير ربه ولا يطالع غير سيده ولا يراقب إلا مولاه ، فكأنه ليس في الدار غيره ولا للملك سوآه.
|قال الله تعالى : {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} [غافر : 16] ، فاليوم يوم ، وغدا يوم ، والأيام كلها يوم واحد ، لا مصرف لها إلا واحد ، ولا مدبر فيها إلا واحد ، فله الملك اليوم يفعل في خلقه ما يشاء من تعريف عباده وتغيير الأحوال في بلاده ، ويفعل فيهم ما يشاء ويحكم فيهم ما يريد له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ، وله الملك غدا إذا افنى عباده وطوى بلاده لا أحد ينازعه ولا مجيب يجاوره ، فالملك اليوم وغدا لله الواحد القهار لا ملجأ منه ولا منجا يخاطبه من الله إلا إليه منه المفر وإليه المقر ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين تبارك الله رب العالمين.

الصفحة 143