كتاب بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي

وَقَالَ: «إِنَّ §أُمَّتِي مَرْحُومَةٌ إِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الْقَتْلِ وَالزَّلَازِلِ وَالْفِتَنِ» وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَذَابَ لَوْ كَانَ فِي الْآخِرَةِ لَكَانَ لَا يَنْفَعُهُمُ النَّدَامَةُ قَالَ: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمِ بْنِ نَاعِمٍ قَالَ: ح أَبِي قَالَ: ح عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ شَيْبَةَ قَالَ: ح الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى قَالَ: ح سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: ح لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ "، هُوَ تَغَيُّرُ قُلُوبِهِمْ، وَتَفَرُّقُ أَهْوَائِهِمْ، وَتَشَاجُرُهُمْ، وَمَا لَا خَفَاءَ بِهِ بِمَا ظَهَرَ فِيهِمْ، مِمَّا أَخْبَرَهُمْ بِهِ، وَوَعَدَهُمْ أَنَّهُ كَائِنٌ فِيهِمْ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَتُقَاتِلَنَّ النَّاكِثِينَ وَالْفَاسِقِينَ وَالْمَارِقِينَ»
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «§عَسَى يُقَمِّصُكَ اللَّهُ قَمِيصًا مِنْ بَعْدِي، فَإِذَا أَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيُّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ح أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ قَالَ: ح إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَاد قَالَ: ح فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعُثْمَانَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي» يَعْنِي: مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الدِّينِ، فَظُهُورُ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ الْمُرْدِيَةِ، فَقَدْ كَانَتِ الْأُمَّةُ فِي زَمَنِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا فَارَقُوا عَلَيْهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ السَّمْحَةِ الَّتِي قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَيْمُ اللَّهِ لَأَتْرُكَنَّكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ -[147]- لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا» ، وَكَانَتِ الْأُمَّةُ عَلَى ذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا ذَهَبَ أَصْحَابُهُ ظَهَرَتِ الْأَهْوَاءُ وَالْبِدَعُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الدِّينِ، وَتَفَرَّقُوا فِي الْآرَاءِ وَالدِّيَانَاتِ، فَكَفَّرَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَتَبَرَّأَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، فَصَارُوا فِرَقًا شَتَّى، وَهُوَ الَّذِي وُعِدُوا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «افْتَرَقَتِ الْأُمَمُ عَلَى وَاحِدٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَلَا تَمُوتُ أُمَّتِي حَتَّى تَفْتَرِقَ عَلَى مِثْلِهَا» ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» ، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ»

الصفحة 146