@ 160@وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى إذا قال في سجوده رب ظلمت نفسي فاغفر لي والتقى تقيان تقي على الإطلاق ، وتقي على التقييد ، فمن اتقى الله في سره وعلانيته وبذل مجهوده في أداء فروضه واجتناب مناهيه فهو تقي على الاطلاق ، ومن لم يستكمل هذه الخصال واتقى الشرك فهو تقي على التقييد ، فالتقى المطلق مقبول عمله ، فعلمه قربة له فصلاة هذا التقي على الإطلاق لقوله تعالى : {إنما يتقبل الله من المتقين} [المائدة : 27] ومن قبل عمله فعمله قربة له فصلاة هذا التقي له قربان من غير شرط ، لأنه وعد من الله ، والله لا يخلف الميعاد ، والتقي المقيد هو الذي يقال له : اتق الشرك يقيد له قبول عمله بالمشيئة فإن قلبت صلاته كانت صلاته قربانا ، وإن ردت عليه لم تكن ، فالصلاة قربان كل تقي مطلق على الإطلاق لا محالة وعدا من الله صدقا ، ويجوز أن يكون قربان من اتقى الشرك أن قبل الله تعالى صلاته فضلا من الله ورحمة.
|ويجوز أن يكون معنى قوله الصلاة قربان كل تقي أي : أن الصلوة من التقي المعدم تقوم مقام الضحايا والنسائك لأن التقي إذا وجد تقرب إلى الله بكل وجه فهو يتقرب إلى الله تعالى بكل وجه فهو يتقرب إلى الله تعالى بالضحايا والنسائك والصدقات وإن لم يجد كانت تلك بنية إن وجد فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن العبد يهم بالحسنة فتكتب له حسنة وإن لم يعملها كتبت له عشرا ، فهذه صلاته تقوم له مقام القرآن لأنه بذل مجهوده في التقرب إلى الله تعالى.
|وقوله صلى الله عليه وسلم : الحج جهاد كل ضعيف الجهاد تحمل الآلام بالبدن والمال دون بلوغ أقصى الغاية فيه إذ فيه بذل الروح وكل المال ، قال الله تعالى : {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله ويقتلون} [التوبة : 111] ومن ضعف عن هذا الجهاد لزمانة أو عذر فالحج له جهاد ، إذ فيه تحمل بعض الآلام ، وبذل بعض المال ، وحسن التقبل من المروءة تحمل الألام فيما تكرهها وتشق عليها ، فهو منها جهاد إذ لا جهاد عليها ، جهاد قتل.