كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 161@وقوله : الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر والرامي بلا وتر متمن للترمي وليس برام ، إذ لا يمكنه الرمي من غير وتر فكأنه يتمنى أن يرمي فإن عزم على الرمي وأراده اعد الوتر ثم رمى ، فكذلك الداعي من غير عمل متمن بلوغ ما يدعو فيه ، وليس بمريد لما يدعو فيه ولا عازم على الطلب له ، فإن صحت إرادته لما يدعو فيه عزم على الطلب له وعزيمته عليه عمل صالح يقدم بين يدي دعوته.
|وقوله : من أيقن بالخلف جاد بالعطية الخلف خلفان ثواب في الأجل وعوض في العاجل ، والله عز وجل وعدهما جميعا {وما انفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} [سبأ : 39] فهذا في عوض العاجل ، وقال عز وجل : {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء} [البقرة : 261] ، فهذا في ثواب الآخرة ، وعوض العاجل أن يخلف الله عليه عشرة لواحدة ، لقوله عز وجل {من جاء بالحسنة فله عشر امثالها} [الأنعام : 160] أو يبارك له في الباقي فيقوم الواحد مقام العشرة وينوب الواحد مناب عشرة ، فمن شاهد هذين الخلفين ببصر قلبه أسرع إلى العطية لأن اليقين بصر القلب.
|وقوله صلى الله عليه وسلم : حصنوا أموالكم بالزكوة للمال مستحقان المساكين والحوادث ، فالطالب بحق المساكين هو الله تعالى ، والحوادث يأتي بها الاقدار وهي يد الله تعالى ، والمؤذي حق المساكين مرض لله عز وجل لمحو الله ما يشاء ، ويثبت ، أو يجريها على وقوع الحوادث فجعلها بهذه ، وقد قال الله عز وجل : {ما عندكم ينفذ وما عند الله باق} [النحل : 96] ، ويخلف منها ويلهم الصبر عليها ويعظم الثواب فيها ، فالزكوة حصن لها إن بقيت عنده ، وهي لها احصن إن حصلت عند الله تعالى.
|وقوله : ما عال امرئ اقتصد يجوز أن يكون معنى قوله اقتصد ، أي : قصد فيكون معناه من قصد الله عز وجل بالثقة به ، والتوكل عليه لم يحوجه إلى غيره ، بل قام بكفايته ، وسد خلته فقد قال الله تعالى : {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق : 3] وقال تعالى {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب} [الطلاق : 3] ، يجوز أن يكون معناه من يتق الله في الإقبال عليه والإعراض عن من سواه يجعل له متسعا ويرزقه من عنده ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم |

الصفحة 161