كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 164@عصاه ، ومن عصاه لم يخلف عليه في الدنيا ولا استحق الثواب في العقبى ، فقد حرم المبذر ثواب الاجل ، وخلف العاجل وزق المقدر الخلف في العاجل والثواب في الأجل.
|وقوله الأمانة تجر الرزق الأمانة ذم الجوارح ، وكف النفس عن الشهوات ، وهو التقى ، والتقي مرزوق ، لأن الأمانة تستجلب القلوب إلى نفسه ، والجناية تنفرها ، والجناية تجر الفقر ، والجناية تضيع الجوارح ، والانهماك في الشهوات ، والفقر والحاجة إلى غير الله تعالى ، وتضييع الجوارح ومتابعة الشهوات إعراض عن الله تعالى ، ومن اعرض عن الله تعالى أقبل على غير الله ، ومن اقبل على غيره افتقر ، لأن من دون الله فقير ، قال الله تعالى : {يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله} [فاطر : 15].
|وقوله صلى الله عليه وسلم : لو أراد الله تعالى بالنمة صلاحا ما انبت لها جناحا النمل مساكنها تحت الأرض واحترازها عن الآفات ، وفي لزوم مسكنها فإذا ظهرت على وجه الأرض تعرت للآفات ، قال الله عز وجل : {قالت نملة يا أيها النمل ادخلو مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده} [النمل : 18] ، فإذا نبت لها جناح نهضت للطيران على ضعف فسقطت في ماء فغرقت ، أو في نار واحترقت ، أو في فم طائر فابتلعها ، أو بعدت عن مساكنها فلم يهتد إليها ، وفي هذا فسادها وهلاكها.
|ويجوز أن يكون مثلا لكل متعد طوره ، ومجاوز قدر بنظره إلى نفسه بقوة يحدثها الله تعالى له من عمر ، أو الة.
|قال الله عز وجل {إنما نملي لهم ليزدادوا اثما} [آل عمران : 178] وقال الله عز وجل {أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون} [المؤمنون : 55] وقوله لو أراد الله بالنملة صلاحا ما أنبت لها جناحا دليل على بطلان القول بالأصلح ، وان الله تعالى يفعل بمن شاء ما شاء من صلاح أو غيره ، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

الصفحة 164