@ 178@ويجوز أن يكون الزيادة في إباحة الطعام والشراب لمن أراد الصيام ، وذلك انه كان في بدء الأمر أن الصائم إذ نام حرم عليه الطعام ثم أباح الله تعالى الأكل والشرب إلى طلوع الفجر بقوله : كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام} [البقرة : 187] فإباحة الأكل والشرب في ليلة الصيام بعد النوم وهو السحور زيادة على إباحة الأكل والشرب عند الإفطار ، وهو رخصة من الله تعالى بقوله : {علم الله إنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم} [البقرة : 187].
|وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب أن يؤتى برخصه كما يحب أن يؤتى بعزائمه فيكون معنى الترغيب في السحور ترغيبا في قبول الرخصة التي حب الله إتيانها.
|ومعنى البركة الزيادة على الإباحة ، ويجوز أن يكون معنى الزيادة في العمر لأن العمر الحيوة فيها نوم الأجل الموقت الذي إذا جاء لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون وهذه المدة فيها نوم ويقظة ، والنوم موت ، واليقظة حياة ، قال تعالى : {هو الذي يتوفاكم بالليل} [الأنعام : 60] ، وقال تعالى : {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} [الزمر : 42] فسمى الوفاة التي هي النوم موتا ، واليقظة حياة ونشورا بقوله {ثم يبعثكم فيه} وفي مدة الحيوة معنيان : اكتساب الطاعة للمعاود ، واقتناء المرافق للمعاش ، ومن المرافق الأكل والشرب ، قال تعالى : {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات} [المؤمنون : 51] وفي السحور يقظة وهي الحيوة فهو زيادة في الحيوة ، وأكل وشرب وهو زيادة في المرافق الحيوة ، وفيه في زيادة اكتساب الطاعة لأن من أراد السحور ربما تطهر وصلى فإن قصر سمى الله ودعا ، وإن غفل عن الذكر وكسل عن الصلاة ، فإن الأكل والشرب لنية الصيام طاعة ففيه زيادة الحيوة ، وزيادة الرفق ، وزيادة الطاعة ، وهذا هو العمر ففي السحور زيادة الرفق في العمر ، ويكون في السحور زيادة وقت السحور على الأوقات الفاضلة المرغوب فيها ، وهي أوقات الصلوات الخمس ، فإنها افضل |