@ 181@قال الشيخ رحمه الله : إن لله تعالى لطائف يحدثها بعبده المؤمن ليصرف بها وجهه إليه ، ويقبل بقلبه عليه إذا شغل عنه باتباع شهوة والاشتغال بنهمة لأن الله تعالى يحب عبده المؤمن ، والمحب يحب إقبال محبوبة عليه ومواجهته له وانصرافه إليه ويكره شغله عنه بغيره ، وإعراضه عنه ، فالمؤمن إذا شغل بنهمته ورجع إلى شهوته وأقبل على غير مولاه حرمه مولاه رزقه الذي إليه ضرورية ، وبه حاجته مما به قوامه في معايشة ، وعوز على أمر معاده فيكون ذلك زجرا منه له ، وجذبا إليه مما اقبل عليه ، وصرفا له عما شغل به إلى من شغل عنه ، وتأديبا أن لا يعود إلى مثله كالطفل الذي تدعوه أمه فيعرض عنها ويعدو إلى لهو فيعثر فيقع يقوم فيعدوا إلى أمه باكيا ، ويتحلى إليها شاكيا.
|وكذلك المؤمن يصيب الذنب بشهوة تغلبه ، ونهمة لا يقاومها فيحرم ربه رفقه ويمنعه رزقه فينتبه فيعرض عن شهوته فيرفض نهمته ويقبل على مولاه ، والذي يبغضه الله ممن كفر به واشرك معه غيره واعرض بقلبه عنه ، فإنه يزيده مما يشغل به ويصرفه عنه بغضا له ومقتا ، قال الله تعالى : {إنما نملي لهم ليزدادوا اثما} [آل عمران : 178] ، وقال الله تعالى : {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون} [الزخرف : 33] ليشغلهم بها عنه ويباعدهم عنه ، فمن اقبل إليه كفاه حوائجه ، وسهل له مرافقه ، ورزقه من حيث لا يحتسب ، ومن يتق الله في الأشغال بما دونه عنه يكفيه مؤنة ، ويخرجه مما يصرفه عنه ويقوم بكفايته لئلا يشغله عنه شاغل ، بل يكون شغله به ووجهه إليه ، ومن شغل بشيء دونه أو به فحرمه رزقه ، ومنعه رفقه فيقبل عليه ، ويرجع عما شغل به إليه.
|والرزق الذي يحرمه الرفق مما يملكه أو زوال ملكه عنه وان يلتوى عليه أسباب رزقه فقدر عليه ، ويصير عليه مطلبه.
|وقد يجوز أن يكون معني الرزق الشكر ، قال تعالى : {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة : 82] قيل في التفسير : شكركم انكم تكذبون فيكون حرمان الرزق حرمان الشكر على النعمة فيحرم الزيادة بحرمان الشكر ، ومن لم يكن في الزيادة فهو في النقصان.