@ 277@أكرم الأولين والآخرين على الله ولا فخر ، إني لست افتخر بذي عليكم فخر تعظيم وترفع وتكبر.
|ولكن كان فخره بالله ، وتكلموا فيه بكلام كثير . فالخلة تختص بمعنى ، والمحبة تختص بمعنى آخر ، فالمحبة هي الإيثار والموافقة والإقبال على المحبوب وخاصته الوجد بالمحبوب والرقة له بعد الميل إليه والإقبال عليه والإيثار له ، والخلة هي الاختصاص والمداخلة ، يقال : خلل أصابعه إذا ادخل بعضها في بعض ، وخلل لحيته إذا ادخل أصابعه فيها ، فكأن المتخاللين يتداخلان بينهما في وقوف كل واحد منهما علي ما يستر خليله ، ويطلع على مغيب خليله وخاصة أمره مما يستره عن غيره ولا يطلع عليه أحدا من الناس ، وهذا خاصية الخلة . قال الشاعر : % ( قد تخللت مسلك الروح منى % وبذا سمي الخليل خليلا ) % % ( فإذا ما نطقت كنت حديثي % وإذ ما سكت كنت الغليلا ) % فيجوز أن يكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : لو كنت متخذا من أمتي خليلا أي : لو كنت مطلعا أحدا من أمتي على سري وموقفا أحدا بمغيب أمري وما اجنه في ضميري لأطلعت عليه أبا بكر رضي الله عنه ولكن لا يطلع على سري إلا الله وحده ، ولا اظهر ما استره ولا اكشف ما اضمره إلا الله وحده لأني خليله ، وإنما يقف على سر المرء خليله دون غيره . قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن لي مع الله وقتا لا يسعني فيه غيره أي لا يتخلل بيني وبين ربي دخيل ، وقد ابى الله عز وجل أن يطلع أحدا من خلقه على ما أسره إلى خليله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم فقال الله عز وجل : {فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم : 10] ، ستر على العالمين ما أسره إليه وأورده عليه فقال عز وجل : {فكان قاب قوسين أو أدنى} [النجم : 9] اخرج عن الأوهام وتورد إليه ، وطوى عن الافهام سره إليه وأمره بأن يبلغ ما انزل إليه دون ما توقف بسره إليه ، فقال : {بلغ ما انزل إليك من ربك} [المائدة : 67] ولم يقل بلغ ما تعرفنا به إليك . روي ذلك عن جعفر بن محمد |