@ 280@الناس خير بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : أبو بكر : قلت : ثم من ؟ قال : عمر . وخشيت أن يقول عثمان ، قلت : ثم أنت ؟ قال : ما أنا إلا رجل من المسلمين.
|فكان أبو بكر خيرا من عمر وهو اضعف بدنا من عمر ، وعمر أقوى بدنا منه ، وكلاهما قويان في أمر الله ، فدل ذلك على أن الفضل ليس من جهة قوة الأبدان ولا بكثرة الاعمال ، لأن من كان أقوى بدنا مع قوته في أمر الله يجب أن يكون اكثر عملا ، فدل ذلك أن كثرة العمل لا يوجب الفضل ، وإنما يوجب الفضل منحة العمل ومعنى في السر ، بل نما يكون الفضل لمن فضله الله تعالى ، والله تعالى لا يفعل شيئا لعلته ، وإنما يفعل ما يفعل بالمشيئة ، فينحاز لمن يشاء ويفضل من يريد وهو الحكيم للخير ، ثم يجعل في قلب من فضله واختاره معنى يكون ذلك علما لفضه ودليلا على اختيار الله له ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن أبا بكر لم يفضلكم بكثرة صلاة ولا صيام ، ولكن بشيء وقر في قلبه.
|فاخبر أن قوة القلب هي التي تقدم ليس قوة البدن ، وإنما يقوى القلب لأنه موضع نظر الله ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
|والله تعالى إنما ينظر إلى ما يحب ويختار ، ولا ينظر إلى ما يبغض ، قال الله تعالى : {إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} [آل عمران : 77] وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى لم ينظر إلى الدنيا منذ خلقها بغضا لها فأخبر انه إنما ينظر إلى ما يحب ومن يحب ، فاحب الله تعالى من شاء لا لعلة ، ثم نظر إلى ما احب منهم وهو القلب ، فقويت القلوب بنظر الله إليها واشرقت واستنارت وتزينت ، فطارت في الملكوت شوقا إلى من نظر إليها ، لأنه تعالى لما نظر إليها نظرت إليه فولهت به وشغلت عما سواه ، فطارت في الملكوت شوقا إليه ، فوقفت أمام |