كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 317@قال : يجوز أن يكون معنى قوله : يقبض الله سماواته وارضه بيده أي : يجمعها ويرفعها فإن السماوات مبسوطة والارضين مدحوة ، قال الله تعالى : {والأرض بعد ذلك دحاها} [النازعات : 30] أي : بسطها ، وقال في السماء : {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده} [الأنبياء : 104] ، وقال : {والسماوات مطويات بيمينه} [الزمر : 67] فالمقبوض والمأخوذ والمطوي بمعنى واحد وهو المجموع المرفوع ، قال الله تعالى : {يوم تبدل الأرض غير الأرض} [إبراهيم : 48] ، {والسماوات مطويات} [الزمر : 67] ، فأخبر انها تجمع وترفع وتبدل بها غيرها ، فمعنى القبض الضم والجمع للرفع ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها عبارة عن الجمع والضم كالإنسان إذا حكى إنسانا بالجود بسط أصابعه ونشر كفه ، وإذا عبر عن البخل والإمساك جمع كفه وضم اصابعه ، وإنما يريد به القبض والبسط ولا يريد به صفة الجود والبخل ، كذلك قبض النبي صلى الله عليه وسلم أصابعه وبسطها عبارة عن قبض السماوات وجمعها فهو إشارة إلى المقبوض والمجموع لا حكاية عن يد الله التي هي صفة ازيد لله ليست بجارحة ، ولا عضو ، ولا جزء ، ولا كيفية لها فيوصف بالقبض والبسط المفهوم عندنا كأيدي المحدثين تعالى الله عن أوصاف الحدث علوا كبيرا.
|ويجوز أن يكون بسط أصابعه وقبضها إشارة إلى الجمع الذي هو الكل ، فكأنه يقول يجمع الله تعالى السماوات والأرض ويقبضها كلها فيبسط أصابعه للإستيعاب والجمع ويقبضهما ، لذلك كما يريد الإنسان يده فيبسطها ثم يضمها إلى نفسه يحكى بذلك الجميع . وحركة المنبر من تحته يجوز أن يكون لحركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كالتواجد الذي يكون من الإنسان بالإمالة والتثني وتحريك الرأس عند استعظام الشي ، والقلق عندما يجده في قلب من حزن أو هيبة أو إجلال الشيء واستعظام له ، فيتحرك المنبر لحركته.
|ويجوز أن يكون حركة المنبر من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم وعلامات نبوته ، وآيات رسالته فكأن المنبر يتحرك من تحت النبي صلى الله عليه وسلم هيبة لله ، وإجلالا لما سمعه من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان الجذع يحن لفقد الذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم |

الصفحة 317