كتاب بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي

§حَدِيثٌ آخَرُ
ح مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الرَّشَادِيُّ قَالَ: ح أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: ح عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: ح صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «§ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ لَاهٍ» . قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: «وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ» أَيْ: كُونُوا عَلَى حَالَةٍ تَسْتَحِقُّونَ الْإِجَابَةَ أَيْ بِحُضُورِ السِّرِّ، وَصِحَّةِ الْحَالِ، حَتَّى يَكُونَ مَعْرُوفًا فِي الْمَلَكُوتِ، حَتَّى يُقَالَ: صَوْتٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ أَنَّ يَكُونَ تَعَرَّفَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَدَاءِ أَوَامِرِهِ، وَاجْتِنَابِ مَنَاهِيهِ، وَقَبُولِ أَحْكَامِهِ غَيْرَ مُتَسَخِّطٍ، ثُمَّ يَدْعُوهُ، وَلَا يَكُونُ فِي سِرِّهِ غَيْرُهُ إِلَّا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: 33] أَيْ: رَاجِعٍ إِلَيْهِ عَمَّا سِوَاهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْطَرًا إِلَيْهِ، فَقَدِ انْقَطَعَ رَجَاؤُهُ عَمَّا سِوَاهُ، لَا يَرْجِعُ إِلَّا حَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، وَلَا إِلَى أَفْعَالِهِ تَعَالَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] ، قَالَ بَعْضُهُمُ: الْمُضْطَرُّ الَّذِي إِذَا رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَهُ لَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ عَمَلًا، فَإِذًا كَذَلِكَ أَيْقَنَ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَ إِجَابَةَ مَنْ دَعَاهُ، وَهَذِهِ شَرَائِطُ مَنْ يُجِيبُ دُعَاءَهُ، وَمَنْ أَتَى بِهَا فَاللَّهُ مُنْجِزٌ لَهُ وَعْدَهُ، وَاللَّهُ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ
§حَدِيثٌ آخَرُ
ح عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ قَالَ: ح يَحْيَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ الْحَسَنِ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الْعُمَرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الدُّعَاءِ خَيْرٌ، أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي؟ فَقَالَ: " نَزَلَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ: إِنَّ خَيْرَ الدُّعَاءِ أَنْ تَقُولَ فِي صَلَاتِكَ: اللَّهُمَّ §-[33]- لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ، وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ، وَلَكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ، وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ، أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ " قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ: «لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ» مَوْضِعُ الصَّفَاءِ وَالِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ «وَلَكَ الْمُلْكُ كُلُّهُ» مَوْضِعُ الْكِفَايَةِ بِهِ، وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ. «وَلَكَ الْخَلْقُ كُلُّهُ» مَوْضِعُ الْأَمْنِ بِهِ وَالسُّكُونِ. «وَإِلَيْكَ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ» مَوْضِعُ الْإِخْلَاصِ لَهُ وَالتَّبَرِّي إِلَيْهِ. «أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ» مَوْضِعُ الْوُقُوفِ مَعَهُ، وَالِالْتِجَاءِ إِلَيْهِ. «وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهُ» الرُّجُوعُ إِلَى نَفْسِكَ وَأَوْصَافِهَا "

الصفحة 32