كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 331@الكثرة منها يكون إلا بالطلب لها والجمع إياها ، والطالب للاستكثار متوعد بغضب الله عليه ، ومن حصلت عنده من غير طلب فهو مكثر ، والمكثر هالك إلا من أعطى يمينا وشمالا ووراء ، ولا يكاد يبقى المال مع الإعطاء بهذه الصفة.
|وقال بعض الفلاسفة لرجل افتخر بالغناء بالمال فقال : ما افتخارك بشيء يتلفه الجود ويمسكه البخل.
|وقال آخر ورأي رجلا يفتخر على آخر بماله فقال : ما افتخارك بشيء يعطيه البخت ، ويحفظه اللوم ، ويهلكه السخاء.
|أنشدني أبو القاسم الحكيم رحمه الله : % ( ملأت يدي من الدنيا مرارا % وما طمع العواذل في اقتصادي ) % % ( ولا وجبت علي زكاة مال % وهل تجب الزكاة على الجواد ) % وكفاك بفضل ما بينهما أن ذا المال يحتاج إلى التطهير ، ولولا التدنس به لم تطهره الزكاة ، قال : {خد من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} [التوبة : 103].
|وقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا البيع يحضره اللغو والكذب فشوبوه بالصدقة.
|فلذلك لم تجب الزكاة على الأنبياء صلوات الله عليهم لأنهم لم يتدنسوا بها لأنهم كانوا خزن الله لا متملكين للأموال جامعين لها ، وكذلك الأطفال لم تجب عليهم الزكاة لأنهم لم يتدنسوا بها ، وسائر المكثيرين منها يحتاجون إلى التطهير من أدناسها ، والغسل من أقذارها ، والمتخلي منها طاهر من أدناسها طيب من أقذارها غني عن التطهير بالزكاة ، منها آمن من الوعيد بكى الجباه والجنوب بها ، والعذاب على الحرام منها ، والحساب على الحلال فيها ، والحمد لله رب العالمين.
|وقد أفردنا لشرف الفقر واهله كتابا جامعا يشتمل على الأخبار والآثار المروية فيه ، والحجج الكثيرة من جهة الخبر والنظر ، ومعنى الأخبار التي وردت في الغناء ما أغنى عن الإعادة ههنا ، وبالله التوفيق ، ومنه الحول والقوة.

الصفحة 331