كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 355@إلى ربه وهو أعلم بما صنع ، قال : رب اتيت عبدا من عبيدك لا يريد الموت ، وصنع هذا بعيني ، قال : فرد الله عينه وقال : أنت عبدي فخبره أن يضرب بيده على جلد ثور فما وأرت يده من شعر فهو يعيش بها سنة ثم يموت ، قال موسى : لا بل الآن يا رب إن كان لا بد ، ولكن بالأرض المقدسة ، قال : فدفن عند الكثيب الاحمر ، ولو اني كنت عنده لأريتكم مكان قبره.
|وقال أيضا : حَدَّثَنا أبو سلمة قال : أخبرنا عماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ملك الموت كان يأتي الناس عيانا فأتى موسى بن عمران صلوات الله عليه فلطمه موسى عليه السلام ففقأ عينه فذكر نحو الذي قبله.
|قال الشيخ الإمام الزاهد رحمه الله تعالى : روت الأئمة هذا الحديث من وجوه كثيرة ، ووضعوه في كتبهم ، وصححوه ، وعدلوا رؤيته ، واستفظعه ، قوم فجحدوه ، وانكروه فردوه لضيق صدورهم ، وقصور علمهم ، وقلة معرفتهم بالحديث وهذا الحديث ادخلوه في الصحاح حتى رضوا إسناده أهل العلم بالحديث ، وأهل المعرفة بالرجال ، والحديث إذا صح من جهة النقل فإنه يجب قبوله ، فإن كان من باب المتواتر فإنه يوجب العلم والعمل ، وإن كان من باب الآحاد ، فإنه يوجب العمل ، ولا يوجب العلم.
|وهذا الحديث وإن كان مما لا يوجب العلم عند بعض الناس ، فإنه مما يوجب العمل لو كان من باب العمل لشهرته في نفسه ، وعدالة رؤيته وصحت إسناده ، ومما كان هذا سبيله ، وإن كان لا يوجب العلم فإنه لا يجب رده وانكاره ودفعه ، فإن في رده تكذيب الأئمة وجرح عدول الأئمة.
|وسمعت أبا محمد بن أحمد بن عبد الله المزني يقول : لعلماء الأثر في تلقي الأخبار المشابهة مذهبان : أحدهما : أن الإيمان بها فرض كالإيمان بمتشابه القرآن حين يقول : {والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا} [آل عمران : 7] أي |

الصفحة 355