كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 357@وهذا الحديث له في كتاب الله نصا نظيره ، قال تعالى في خبر موسى وهارون عليهما السلام : {ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا} إلى قوله : {وأخذ برأس أخيه يجره إليه} [الأعراف : 150] ، وقال : {يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي} [طه : 94].
|وليس الجر إليك بالخشونة والغلظة باقل من الدفع عنك بالخشونة والغلطة ، وهو الصك واللطم ، دفع عنك بغلطة خشونة فما سواه ، وليس هارون بأدون منزلة من ملك الموت صلوات الله عليهما ، بل هو اجل قدرا منه ، وأعلى مرتبة ، وابين فضلا عند اكثر علماء الأمة من أهل النظر والأثر ، لأنه صلى الله عليه وسلم نبي مرسل ، قال الله تعالى : {ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان مبين إلى فرعون وملائه} [المؤمنون : 45] وهو مع جليل قدره في نبوته ، وعلو درجته في رسالته أخو موسى لأبيه وأمه ، واكبر سنا منه . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده.
|فإذا أخبر الله تعالى عن موسى عليه السلام انه اخذ برأسه ولحيته ، وجره إليه بعنف وغلظة حتى استعطفه عليه ، واعتذر إليه ، فقال : {يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي} [طه : 94] وقوله {إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلوني فلا تشمت بي الأعداء} [الأعراف : 150] ولولا ذلك عسى كان يكون منه ما هو اعظم مما صنع به ، ثم لم نجد في الكتاب ما يدل على الكتاب الله إياه ، ولا على توبته منه ، ولو كان ذلك منه صغيرة أو ذلة لظهر ذلك نصا في الكتاب أو دلالة ، كما ذكر الله تعالى زلات الأنبياء صلوات الله عليهم ومعاتبته إياهم عليها ، وتوبتهم منها إلى الله ، ورجوعهم إليه واستغفارهم إياه واعترافهم على أنفسهم بالظلم لها كما قال جل جلاله في قصة آدم صلوات الله عليه : |

الصفحة 357