كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 358@{ألم أنهكما عن تلكما الشجرة} [الأعراف : 22] هذا عتابه لهما من إملالها في الآيات ، وقال تعالى في اعترافهما وتوبتهما : {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف : 23] ، وقال تعالى في قصة نوح عليه السلام : {فلا تسألن ما ليس لك به علم إنى اعظك أن تكون من الجاهلين} [هود : 46] ، وقال عز وجل في اعترافه وتوبته : {رب إني أعوذ بك أن أسالك ما ليس لي به علم وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين} [هود : 47] ، وفي قصة داود صلوات الله عليه : {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا واناب} [ص : 24] فغفر له ذلك ، وقال عز وجل في موسى عليه السلام وقتله القبطي : {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} [القصص : 15] ، وقال تعالى : {رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي} [القصص : 16] فغفر له.
|فلو كان جره أخاه إليه واخذه براسه ولحيته زلة منه لظهر اعترافه على نفسه وتوبته إلى ربه ، أو معاتبة الله إياه فلما لم يكن دل انه لم يكن منه معصية ولا زلة ، كذلك صكه ملك الموت ولطمه إياه لأنهما عنفان ، أحدهما بالرفع عنك ، والآخر بالجر إلى كريمين إلى الله تعالى أحدهما رسول نبي ، والآخر ملك زكي ، وكما لم يرد في الكتاب عتاب ولا توبة ، واعتراف في قصة الملك فما جاز في الكتاب من التأويل ساغ ذلك في الخبر إن شاء الله ، وإنما لم يكن فعله صلى الله عليه وسلم بهارون مع عظيم حرمته لنبوته ورسالته واخوته وقرابته وحق سنه زلة لأنه عليه السلام غضب لله لا لنفسه ، وكانت فيه حمية وغضب وعجلة وحدة كلها في الله والله.
|الا يرى إلى قوله تعالى : {وما اعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على اثري وعجلت إليك رب لترضى} طه : 83 84] ، وخبر أن عجلته كان طلبا لرضاه ، كذلك حدته وغضبه على أخيه وصنيعه به ، الا تراه يقول : {ما منعك إذا رأيتهم ضلوا ألا تتبعن افعصيت أمري} [طه : 92 93] فكانت تلك الحدة منه والغضب فيه صفة مدح له لأنها كانت لله ، وفي الله كما كانت رأفة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته في الله ولله ، ثم كان يغضب حتى يحمر وجهه ، وتذر عروقه لله وفي الله ، وبذلك وصف الله تعالى المؤمنين بقوله : {اشداء على الكفار رحماء بينهم} وفي الله ، وبذلك وصف الله تعالى المؤمنين بقوله : {أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح : 29] ، وقال تعالى : {أذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين} [المائدة : 54] |

الصفحة 358