كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 359@وقال جل جلاله : {ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله} [النور : 2] فلو كانت الغلظة والشدة في الله ولله كذلك الغضب والحدة مع موسى لله وفي الله ، والجميع صفة مدح ونعت ثناء . الا ترى إلى قوله عليه الصلاة والسلام في مدحه أبا بكر رضي الله عنه في رقته ورحمته وتشبيهه إياه بإبراهيم إذ يقول : {يجادلنا في قوم لوط} [هود : 74] وقوله : {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم} [إبراهيم : 36] ، وعيسى عليه السلام حين قال : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} [المائدة : 118] ، وقوله صلى الله عليه وسلم في عمر رضي الله عنه ومدحه له في غلظته وشدته في الله ولله ، وتشبيهه إياه بنوح عليه السلام حين قال : {لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا} [نوح : 26] فأوصاف الأنبياء صلوات الله عليهم ، والرسل عليهم الصلاة والسلام أوصاف مدح ونعوتهم نعوت ثناء صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أجمعين.
|فيجوز أن يكون صكه لملك الموت ، ولطمه إياه لم يكن زلة لأنها لم تكن بغضب نفسه ، وإنما كان غضبا لله ، وشدة في أمر الله ، وحمية لدين الله ، وذلك أن الملك أتاه في صورة إنسان.
|فيجوز أن يكون موسى لم يعرف انه ملك رسول الله ، كما لم يعرف النبي صلى الله عليه وسلم جبريل صلوات الله عليه حين جاءه يسأله عن الإيمان والإسلام حتى قال صلى الله عليه وسلم : هذا جبريل أتاكم ليعلمكم معالم دينكم ، والله ما أتاني في صورة قط إلا وقد عرفته فيها إلا في هذه الصورة ، فكذلك موسى يجوز أن يكون اتاه في صورة لم يأته فيها قبلها ، فلم يعرفه ثم أراد قبض روحه أنكر أن يكون إنسان يريد قبض روح كليم الله ورسوله ، وصكه ولطمه إنكارا له وردا عليه أنه ملك ، وانه لله رسول أنكر عليه إدعاءه ما ليس للبشر من قبض أرواح الانبياء ، ومن أدعى ذلك من البشر فهو كاذب على الله فغضب لله فصكه ولطمه ، ألا ترى منه مما عاد إليه فخيره بين أن يضع يده على خبب ثور وان يموت ، اختار الموت استسلاما لله ورضاء لحكمه ، وتصديقا لرسوله.
|وأما فقؤ عينه فإنه لم يكن فعلا لموسى صلوات الله عليه ، وإن كان على اثر لطمه إياه وصكه له ، وإنما كان ذلك فعل الله تعالى أحدثه في الصورة التي أتي الملك فيها ، |

الصفحة 359