كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 364@استطعت ، واذكر الله عند كل شجرة وحجر ، وإذا عملت شرا فأحدث لله توبة ، السر بالسر ، والعلانية بالعلانية.
|قال الشيخ الإمام الزاهد رحمه الله : قوله صلى الله عليه وسلم : عليك بتقوى الله ما استطعت قول اديب متأدب بأدب الله تعالى موافق الله عز وجل قولا وفعلا وخلقا لا يتقدم بين يدي الله عز وجل ، ولا يتأتي عليه صلى الله عليه وسلم سمع الله عز وجل يقول منزلا عليه موحيا إليه ، {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن : 16] فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل.
|فيجوز أن يكون معنى قوله ما استطعت أي على مقدار طاعتك ، ومبلغ قدرتك ، فإنك لن تطيق قدره ، ولا تتقيه حق تقاته ، لانه تعالى لا يعبد حق عبادته ، ولا يطاق إقامة حقه على قدر ما يستحقه ، لكن على قدر القوة ، ومبلغ الطاقة.
|ويجوز أن يكون قوله ما استطعت أي بجميع استطاعتك ، واستفراغ طاقتك وبذل جهودك حتى لا تبقى مما تستطيع ، ولا تستبقي مما تطيق شيئا إلا بذلته في تقواه ، طلبا لمرضاته ، ووفاء بعهده ، مستعينا بالله مفتقرا إليه كما قال : {إياك نعبد وإياك نستعين} [الفاتحة : 5].
|وقوله : واذكر الله عند كل شجر وحجر أي حيث ما كنت من سفر وحضر فيكون الشجر إشارة إلى الحضر ، والحجر عبارة عن السفر ، ويجوز أن يكون معناه في الرخاء والشدة ، والخصب والجدب ، والسراء والضراء ، فيكون المشجر عبارة عن الخصب وهو حال الرخاء والسراء ، والحجر عبارة عن الجدب ، وهو حال الشدة والضراء ، قال الله تعالى : {الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم} [آل عمران : 191] وهو الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل : {أذكروا الله ذكرا كثيرا} [الأحزاب : 41].
|وقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا عملت شرا فأحدث لله توبة أشار إلى ضعف البشرية وعجز الإنسانية كأنه يقول : إنك أن توقيت بجميع استطاعتك فغير سليم |

الصفحة 364