كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 367@المؤمنون لعلكم تفلحون} [النور : 31] ، وقال جل جلاله : {وأنيبوا إلى ربكم واسلموا له} [الزمر : 54] . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله افرح بتوبة عبده من أحدكم بضالته يجدها بأرض فلاة ، وقال : النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى يحب المفتن التواب ، وقال : السر بالسر والعلانية بالعلانية.
|أخبر أن الشر الذي عمله على ضربين ، وفي حالين سرا وجهرا ، فالسر أفعال القلوب والعلانية أفعال الجوارح كأنه صلى الله عليه وسلم يقول : إذا عملت شرا بسرك فأحدث توبة بسرك ، وإذا عملت سرا بجوارحك فأحدث توبة بجوارحك . فأفعال السر من الذنوب فيما بينه وبين الله طمع إلى غير الله ، ومخافة منه ورجاء إليه ، ومعاداة اوليائه ، وموالاة أعدائه ، قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء} [الممتحنة : 11].
|وفيما بينه وبين عباد الله حسد لمؤمن ، وتهمة لبرئ ، وبغي على مسلم ، وحقد يضمره ، وسوء يريده به ، وما سوى ذلك من أفعال القلوب ، فعليه أن يحدث توبة منها بسره باكتساب ما يزيلها ويثبت اضدادها لأن سائر أعمال الجوارح من صلاة وصوم وحج وغزو وأمثالها لا يجدي عليه كثير نفع منها مع فساد السر ونجاسة القلب ، فإن القلب لا يكاد يطهرها بأفعال الجوارح.
|قال : أبو إسحاق بن محمد الحكم لأبي بكر الوراق رحمه الله : % ( إن الجرائم اقفلت باب الهدى % فالعلم ليس بفاتح اقفالها ) % % ( إن القلوب تنجست ببطالة % فالسعي غير مطهر أفعالها ) % وذنوب العلانية فيما بين الله والعبد ترك ما أمر به ، وارتكاب ما نهي عنه من تضييع فرض وإضاعة حق ، ومجاوزة حد ، وقصور عنه . وفيما بينه وبين خلق الله تعالى : المظالم والجنايات قولا وفعلا ، وتوبة العبد منها علانية من رد المظالم ، والاستحلال من اربابها ، والخروج إليهم محالتهم عليه ، وقضاء ما فات من فرائض الله من صلاة وصوم وزكاة وحج ، والانتهاء عما نهي عنه وإخراج ما حصل من مال ، أو متاع كما قال الله تعالى : {وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم} [البقرة : 279].

الصفحة 367