كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 378@أنا فاعله ما ترددت في مساءة المؤمن يكره الموت ولا بد منه ، ما تقرب إلي عبد بمثل ما اقترضت عليه ، ولا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا احببته كنت سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا ، يدعوني فأستجب له ، ويستنصحني فأنصح له ، إن من عبادي المؤمنين لمن يريد الباب من العبادة فأصرفه عنه كراهة أن يدخله عجب فيفسده ، وذلك أن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا لأفسده ، وإن من الغنى من لو أفقرته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين من يصلح إيمانه إلا الفقر ، لو اغنيته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا الصحة لو أسقمته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين من لا يصلح إيمانه إلا السقم ، لو اصححته لأفسده ذلك ، وذلك اني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير.
|قال الشيخ الإمام الزاهد رحمه الله : أولياء الله خصائصه الذين اصطفاهم في أزالة قبل أن يوجدهم ، وانتجهم قبل أن يخلقهم ، واستخلصهم واصتنعم لنفسه قبل أن يحدثهم حين اوجدهم عن الأشياء إليه ، وصرف الأغيار عنهم ضنا بهم ، وغيره عليهم ، زينهم بأوصافه ، وحلاهم بنعوتهم ، فهم علماء صلحاء كرام صادقون ، رحماء حكماء عدول مؤمنون ، فهم بكثير أوصافه موصوفون ، وبأسمائه ونعوته موسومون ، قلب بصفاته أحوالهم ، واضاف إليه نفسه أفعالهم ، فقال عز وجل {فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم} [الانفال : 17] ، {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الانفال : 17] قاتل بهم أعدائه ، وانتصر بهم ممن عاداه ، فهم أنصار الله ، قال الله عز وجل : {وينصرون الله ورسوله} [الحشر : 8] ، وقال : {من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله} [الصف : 14] فلما كانوا انصاره يقاتلون من ألحد في اسمائه ، ويناصبون من اشرك به ، ويذبون عن دينه ، ويقاتلون مع رسله ، جعل آذاهم مبارزته ، وأهانتهم مناصبته ، فقال جل جلاله : {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله} [المائدة : 33] سماهم محاربين له آذوا أولياءه في سلب اموالهم ، وسفك دماءهم ، وإخافة سبلهم ، وذلك انهم لما كانوا خصائصه فمن آذاهم فقد بارزه أي اظهر مخالفة الله ، لأنه فعل بهم خلاف ما فعل الله بهم ، وأرادهم بغير ما أرادهم الله به ، اكرمهم الله تعالى ، فأهانهم المؤذي لهم ، ووالهم الله عز وجل ، فعاداهم المهين لهم ، فصاروا لله محاربين ، وله بالعداوة بارزين ، ولحكمه فيهم مخالفين.

الصفحة 378