كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 385@أن الله عز وجل أوجب الغسل بخروج المني الذي هو طاهر عند بعض الناس وبعض الصحابة وكثير من فقهاء الأمة ، وأوجب غسل الأطراف من الغائط الذي لا خلاف بين الأمة وسائر من يقول بالعقل من غيرها على نجاسته وقذارته ونتنه ، وأوجب بريح يخرج من موضع الحدث ما أوجبه بخروج الغائط الكثير الفاحش ، فبأي عقل يستقيم هذا ، وبأي رأي يجب مساواة ريح ليس لها عين قائمة لما يقوم عينه ، ويزيد على الريح نتنا وقذارة.
|قال الشيخ الإمام الزاهد المصنف رحمه الله أنكر هذا الحديث طائفة من المتعلقة الذين اتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله إعجابا برأيهم ، وحكما على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعقول ضعيفة وأفهام سخيفة ، فقالوا : لا يجوز في حكمة الله تعالى وعدله أن يضع سيئات من اكتسبها على من لم يكتسبها ، ويؤخذ حسنات من عملها فيعطى لمن لم يعملها ، وهذا جور زعموا وأولوا قول الله عز وجل إلى هذه ، وقد أوجب الله تعالى قطع يمين مؤمن بعشرة دراهم ، وعند بعض الفقهاء بثلاثة دراهم ودون ذلك ، ثم سوى بين هذا القدر من المال وبين مائة ألف دينار ، فيكون القطع فيهما سواء ، وأعطى الله تعالى للأم من ولدها الثلث ، ثم إن كان للمتوفى إخوة جعل لها السدس من غير أن يرث الإخوة من ذلك شيئا ، فبأي عقل يدرك هذا إلا تسليما وانقيادا ، ولو تتبعنا كثيرا من الأحكام كان سبيلها سبيل ما ذكرنا ، ثم الوعد والوعيد ، وعد الله جل وعز ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر من الثواب الجزيل ، والنعيم المقيم على ما أحدث في العبد وخلقه وأوجده من عدم ، وعان عليه بإجماع فضلا منه وكرما ، وهو ذو فضل عظيم ، وأوعد على ما أوجده من العبد ، وخلقه فيه وأحدث لاستطاعته له عندنا ، ولم يعصم منه بإجماع بجرم منقطع لا يضره ولا يؤثره عقابا لا يحتمل العقول فكره فيه ، وإدراكا له من شدة ألمه وفظيع أمره ، وعند المعتزلة إحباط عمله سبعين سنة وأكثر وطاعة مائة سنة واكثر بسرقة خمسة دراهم ، أو عشرة ، أو قذف محصن أو محصنة . وذلك لم يضر المقذوف ولا قدح فيه ، والتأبيد في النار ، والعذاب الشديد على شرب جرعة من خمر مع إيمان بالله عز وجل والخوف منه ، والطاعة له في مدة سبعين سنة مع فرعون الذي بارز الله عز وجل وادعي الربوبية لنفسه ، وقتل أنبياءه ، وأفسد في الأرض أربع مائة سنة ، بأي عقل يستقيم هذا ، وبأي حكمة من أوصاف العباد توجب |

الصفحة 385