كتاب بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: ح سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: ح جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: §مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، إِلَّا اخْتَارَ الَّذِي هُوَ أَيْسَرُ " يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: اخْتَارَ الَّذِي هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ إِذَا اخْتَارَ مَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَدِ اخْتَارَ الْيُسْرَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ الْيُسْرَ
§حَدِيثٌ آخَرُ
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْبُجَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ح هِشَامٌ، وَهَمَّامٌ قَالَا: ح يَحْيَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " §ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ، لَا يُشَكُّ فِيهِنَّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ " وَرُوِيَ: «دَعْوَةُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ» ، وَالْوَلَدُ مُخْلِصٌ فِي دَعَاءِ وَالِدَيْهِ، وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى اسْتَجَابَ دَعْوَةَ الصِّبْيَانِ لِوَالِدِيهِمْ» ؛ لِطَهَارَتِهِمْ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ أَطْهَرَ مِنْهُمَا، وَأَقَلَّهُمْ ذَنْبًا، جِئْنَا إِلَى الْحَدِيثِ -[44]- قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى التَّبَرُّئِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ، وَالِانْقِطَاعِ إِلَى اللَّهِ، وَالشَّفَقَةِ عَلَى خَلْقِ اللَّهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُسَافِرَ مُسْتَوْفِزٌ مُضْطَرِبُ الْحَالِ، قَلَّ مَا يُسَاكِنُ شَيْئًا، أَوْ يُوَافِقُ حَالًا؛ لِأَنَّهُ مُنْتَقِلٌ فِي الْمَكَانِ مُخْتَلِفُ الْعِشْرَةِ مِنَ الْأَحْزَانِ، عَلَى وَجَلٍ مِنْ حَوَادِثِ الزَّمَانِ، كَثِيرُ الرُّجُوعِ إِلَى اللَّهِ إِلَى الرَّحْمَنِ، قَدْرُ مَا انْفَصَلَ سِرُّهُ مِنَ الِاعْتِبَارِ اتَّصَلَ سِرُّهُ مِنَ الْخِيَارِ، صَفَا سِرُّهُ، فَأَسْرَعَتِ الْإِجَابَةُ إِلَيْهِ إِذَا دَعَاهُ، وَالْمَظْلُومُ مُضْطَرٌّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62] ، وَالْمُضْطَرُّ مُنْقَطِعٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَالْوَالِدُ مُشْفِقٌ عَلَى وَلَدِهِ، مُؤْثِرٌ لِحَظِّهِ عَلَى حَظِّ نَفْسِهِ، فَصَحَّتْ شَفَقَتُهُ، فَأُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ
الصفحة 43
392