كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 81@شرفهم وفضلهم عنده عز وجل ، ومعنى تخصيصه يونس بتسميته من بين سائر الأنبيا ، يجوز أن يكون لأن الله تعالى وصف يونس اوصاف يسبق إلى الأوهام إنحطاطه في الدرجة ، وانخفاضه في المنزل ، وذلك انه تعالى قال : {فظن أن لن نقدر عليه} [الأنبياء : 87] ، وقال : {إذ ابق إلى الفلك المشحون} [الصافات : 140] وقال {فالتقمه الحوت وهو مليم} [الصافات : 142] وقال {لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم} [القلم : 49] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن النبوة أثقالا ، وإن يونس تفسخ منها الربع.
|فحفظ صلى الله عليه وسلم موضع الفتة من أوهام بعض من يسبق إليها منه أن هذه الأوصاف خرجت في نبوئته ، أو اخلت برسالته ، أو قدحت في الاصطفاء القديم منه تعالى إياه ، أو حطت من رتبته ، أو أوهنت قوى عصمته كما حفظ صلى الله عليه وسلم موضع الفتنة على الأنصاري الذي مر به عشاء وهو قائم مع صفية فقال : أما إنها صفية بنت حيي فقال الأنصاري : سبحان الله يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.
|هذا معنى الحديث إن شاء الله ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه مع ما وصفه الله تعالى من هذه الأوصاف نبيه الكريم ورسوله المصطفى ، وهو من هذه الأوصاف ليس بأدون درجة مني في النبوة والرسالة مع أني سيد ولد آدم ، وأكرم الخلق على الله تعالى ، وأدناهم منزلة مني ، وأقربهم وسيلة اليه ، وأول شافع ، وأكرم مشفع ، إلى سائر فضائله صلى الله عليه وسلم التي وصفها وما عند الله له لم يعلمه إلا الله تعالى صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأنبياء.

الصفحة 81