كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 85@قال الشيخ الإمام الزاهد رحمه الله العارف المصنف رحمه الله : ويجوز أن يكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : فأعد للفقر تجفافا تنبيها له ، وحثا على العمل ، واستعدادا لفقر يوم الحساب ، كأنه يقول له : لا تتكل على ذلك واعمل كي لا تأتي يوم القيامة وليس لك عمل ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : يا فاطمة ابنة محمد اشتري نفسك من الله تعالى فإني لا املك لك من الله تعالى شيئا ، يا صفية عمة رسول الله اشتري نفسك من الله تعالى فإني لا أملك لك من الله تعالى شيئا حثا لهم على العمل ، وترك التفريط فيه اتكالا على قرب النسب منه صلى الله عليه وسلم.
|ويجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم من الرجل نظرا إلى نفسه ، وإلى اوصافها بعين التعظيم ، فصرفه عن نظره إلى أوصافه بعين التعظيم والاتكال عليها وهو صلى الله عليه وسلم وإن دعاه إلى عمل لفقر يوم الحساب وعمله صفته ، فإنه دعاه إليه جدا واجتهادا فقد دعاه عنه إتكالا عليه وسكونا إليه ، ويدل على انه أراد به فقر يوم القيامة قوله صلى الله عليه وسلم : أعد للفقر تجفافا والتجفاف إنما يكون لرد الشيء ، والحول بينه وبينك ، وفقر الدنيا لمن احب رسول الله صلى الله عليه وسلم جائزة من الله وعطاء ، وعطاء الله وجائزته لا ترد ، فدل قوله صلى الله عليه وسلم أعد للفقر تجفافا أي لفقر يوم القيامة ليصرفه عنك ، أو يجوز أن يريد الفقر الذي هو قلة المال ، والضر وعدم المرافق ، وهو الفقر المعروف ، ويكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم فأعد للفقر تجفافا أي تجفافا تصونه به وتدفع عنه ما يقدح فيه من الجذع فيه والنكرة له والتشوق لمرادته ، فإن الفقر جائزة الله لمن احبني ، وخلعته عليه ، وبره به ، وإكرامه له ، وتحفته إياه ، وجزيل الثواب منه على جليل قدر هذه الصفة عنده ، وذلك أن الفقر زي أنبيائه ، وحلية اوليائه ، وزينة المؤمنين ، و شعار الصالحين ، فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول له : إن هذا كائن من الله عز وجل فاستعد لقبوله ، والاستقبال له ، والاستعداد لدفع ما يقدح فيه من الصبر فيه ، والشكر عليه ، والصون له ، والدفع عنه تعظيما له واجلالا لقدره ، فكأنه |

الصفحة 85