كتاب معاني الأخبار للكلاباذي

@ 88@ظهر فيك ، وليس على انه يأمره بأمر لم يكن هو فيه ، وهذا كما يقول القائل لمن يعمل عملا ثم يعرض له ذكر شيء فيقول له : اعمل عملك ولا يهمنك هذا ، وكذلك قوله : صدق بالقدر الذي أنت به مصدق ولا يهمنك أمر الحسن والحسين ، فإن الله تعالى يعافيهما ، ويجوز أن يكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : اصابهما عين هي الآفة التي تصيب الإنسان عند استحسان أحد شيئا من فعله ، أو نفسه ، أو بدنه فيصيبه علة في ذلك الوقت ، وذلك بقضاء الله وقدره لا أن يحدث الناظر في المنظور إليه فعلا ، فإن المحدث لا يفعل في غيره وإنما يفعل في نفسه ومحل قدرته ، فقال له جبريل عليه السلام : صدق بتلك العين التي هي القضاء والقدر فإنها حق ، وهذه الآفة والعلة تزول عنهما ، وعوذهما بكذا ، وذكر في الحديث تسكينا لقلوب العباد ، وتحقيقا أن الذي أصاب المعين إنما أصابه من الله عز وجل ، ألا يرى انه قال : عوذ بالله تعالى.
|وقال بعض الناس : إن العين داء كانت العرب تعرضها ، وعلة كانت تسمى عينا ، ولذلك قال : إن العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر أي هذا الداء يقتل.
|وقال بعضهم : إن الناظر إذا نظر إلى شيء فاستحسنه حتى شغل به عن ذكر الله عز وجل فلم يرجع إلى الله عز وجل وإلى رؤية صنعه ، أحدث الله تعالى في المنظور علة ويكون نظر ذلك الناظر سببها ، فيؤاخذه الله تعالى بجنايته بنظره إليه على غفلة من ذكر الله ، كأنه هو الذي فعلها به وهذا كالضرب من الضارب بالسيف فيحدث الله تعالى الجراحه في المضروب ، والألم فيه أو خروج الروح على أثره ويكون هو القاتل والجارح ، وإن كان موت المضروب وألمه فعل الله تعالى وليس بفعل الضارب ، ولكن لما كان الضارب منهيا عن الضرب بغير حق لحقه الوعيد الذي اوعده الله تعالى به واستحقه بجنايته وهو الضرب ، فكذلك الناظر منهي عن نظره إلى الشيء من الأشياء على غفلة ونسيان ذكر الله تعالى ، فكانت هذه جنايته فيجوز أن يحدث الله تعالى في المنظور علة يوخذ الناظر بجنايتها وذلك بقضاء الله وقدره ، يبينك هذا أن النظر على الغفلة اثر في المنظور ، فكيف لا يؤثر في الناظر من الوعيد ، والله الهادي.

الصفحة 88