كتاب معاني الأخبار للكلاباذي
@ 92@ضيق الصدر لأنه يخاف أن يحتاج إلى ما يطلب منه فيتمسك به ضنا به لحاجته إليه لضيق صدره عن تحمل الخصاصة إن دفع اليها ، ومن تحرى مسرة الناس يتسارع إلى قضاء حوائجهم ، لأن طلاقة وجهه وبسطه إنما يريد به مسرة الناس ، ويطلب محابهم وقضاء حوائجهم مسرتهم ومحابهم.
|الدليل على ذلك ما ذكر في الحديث محاسن الأخلاق ، وفي بعض الروايات اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه فيحوز أن يكون معناه : اطلبوا الحوائج إلى الله وكونوا عند حسان الوجوه ، أي : وجوه أحوالهم ، كأنه يقول : خالطوا الذين حسنت أحوالهم في معاملتهم عباد ربهم في تحمل أذاهم ، وطلب محابهم ، وكف الأذى عنهم ، كأنه يقول : كونوا عند الصالحين من عباد الله كما قال تعالى : {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة : 119] ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : اطعموا طعامكم الأبرار ، كأنه يريد الخلطة ، أي : خالطوا الأبرار من الناس ، وكونوا معهم.
|يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : خالطوا الحكماء ، فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم : اطلبوا الحوائج عند حسان الوجوه أي : اطلبوا الحوائج من الله وكونوا عند حسان الوجوه ، أي : كونوا مع الصالحين.
|وقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله جميل يحب الجمال أي جميل الافضال بكم ، حسن النظر لكم ، مريد لصلاحكم ، جميل المعاملة معكم ، يرضى بالقليل ، ويثيب عليه الجزيل ، يقبل الحسنات المدخول عليها ، ويعفو عن السيئات المسكون إليها ، يكلفهم اليسير ويعينكم عليه ، ويعطيكم الجزيل ويشكركم عليه ، ولا يمن عليكم ، وتعطون القليل ويشكركم ، فهو يحب الجمال منكم ، أي : التجمل منكم في قلة إظهار الحاجة إلى غيره ، فإنه قام لكم بها ، وما روى عنكم زواها نظرا لكم |
الصفحة 92
392