كتاب معاني الأخبار للكلاباذي
@ 94@أما الكلاب فيجوز أن يكون تستقذرها الملائكة ، وهي اعني : الكلاب المؤذية للناس ، وليس في امساكها فائدة إلا الماشية أو صيد ، فما كان لغير ذلك فإمساكها مع قذرها ونجاستها من غير فائدة معصية لله تعالى ، وكذلك الصورة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بفاعل ، وفيها غخفاء لأن فيها منازعة الله تعالى إذ الله تعالى هو الخالق المصور ، وفيها إخبار في التشديد من الوعيد وهي معصية عظيمة ، فيكون تخلف الملائكة عليهم السلام عن البيت الذي فيه كلب وصورة لأجل معصية أهل البيت لله تعالى في ذلك.
|والجرس إنما يعلق على اعناق الجمال والدواب للرعاية والحفظ ليعرف بها سيرها ووقوفها ، وعدولها عن الطريق يمنة ويسرة ، أو سيرها على سنن الطريق ، وقد يسكن قلوب الرفقة إليها ما داموا يسمعون صوته ، ويتكلون على ذلك ، ويسكنون إليه والملائكة حفظة للمسلمين من الأوقات من بين أيديهم ، ومن خلفهم ، قال الله تعالى : {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} [الرعد : 11] ، إن استخفى السائر بالليل ، أو ظهر سائر بالنهار ، فإذا اطمأنت قلوب الرفقة وسكنت نفوسهم إلى صوت الجرس في الحفظ لهم في سير الجمال والدواب انقطعت بقدر سكونها إليه عن الله عز وجل ، فيجوز أن يكون الله عز وجل يكلهم إلى ما توكلوا عليه ، ويصرف عنهم حفظته ، إذا اتخذوا لهم من عند أنفسهم حفظة.
|والجرس ليس كسائر الأسباب التي يتخذها الناس من ذلك فيها حاجزا بينهم وبين الآفات كالأبواب والمغاليق والأوكية ، فإن اكثر ما يتخذها الناس من ذلك فيها فوائد أخرى سوى التحرز بها عن الآفات ، وليس الجرس كذلك لأن هذه الفائدة التي اتخذها الناس لها إن زالت عنه لم يبق فيه معنى غير التلهي بصوته لمن استلذه ، والذي يستلذه فليس بلبيب.
الصفحة 94
392