كتاب الأموال لابن زنجويه (اسم الجزء: 2)

أَنَا حُمَيْدٌ

968 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ قَبِلَ هَدِيَّةَ أَبِي سُفْيَانَ. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أنا يَزِيدُ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §أَهْدَى إِلَى أَبِي سُفْيَانَ تَمْرَ عَجْوَةٍ، وَهُوَ بِمَكَّةَ مَعَ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَسْتَهْدِيهِ أُدْمًا، فَأَهْدَى إِلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ " -[590]-. أَنَا حُمَيْدٌ

969 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا وَجْهُ هَذَا عِنْدَنَا أَنَّ الْهَدِيَّةَ كَانَتْ فِي الْهُدْنَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلِ مَكَّةَ قَبْلَ فَتْحِهَا , فَأَمَّا مَعَ الْمُحَارَبَةِ فَلَا , وَكَذَلِكَ قَبُولُهُ هَدِيَّةَ الْمُقَوْقَسِ صَاحِبِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ , وَكَانَ عَظِيمَ الْقِبْطِ يُرْوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَتَبَ إِلَيْهِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، أَكْرَمَ حَاطِبًا وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِيًّا قَدْ بَقِيَ، وَإِنْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ، وَأَهْدَى إِلَيْهِ مَارِيَةَ الَّتِي وَلَدَتْ إِبْرَاهِيمَ، وَبَغْلَةً وَأَشْيَاءَ سِوَى ذَلِكَ، فَقَبِلَهَا. حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ

970 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَنَرَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالنُّبُوَّةِ وَلَمْ يُظْهِرِ التَّكْذِيبَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَمْ يُؤَيِّسْهُ مِنَ الْإِسْلَامِ، فَلِهَذَا نَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبِلَ هَدِيَّتَهُ، فَأَمَّا النَّجَاشِيُّ فَقَدْ كَانَ أَسْلَمَ، وَأَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبِلَ هَدِيَّتَهُ , وَكَذَلِكَ الْأُكَيْدِرُ، إِلَّا أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ عَلَى شَرْطٍ لَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ فَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ كِتَابًا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ - فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ كُتُبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[591]-. ثَنَا حُمَيْدٌ

971 - قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَالثَّبْتُ عِنْدَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْبَلْ هَدِيَّةَ مُشْرِكٍ مُحَارَبٍ وَقَدْ بَيَّنَّا فَصْلَ مَا بَيْنَ الْغَنِيمَةِ وَالْفَيْءِ، فَأَمَّا الصَّدَقَةُ، فَلَيْسَتْ تَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُكْمِ هَذَيْنِ الْمَالَيْنِ، إِنَّمَا هِيَ زَكَاةُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَوَاضِعُهَا الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَلَا تَكُونُ عَطَاءً لِلْمُقَاتِلَةِ، فَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ

الصفحة 589