كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)

أبو بكر الزيادة، فشهد له محمد بن مسلمة، فقضى به، فدل على أن للزيادة في العدد قوة في [١٥٤/ب] العمل بالخبر.
ولأن الشيء بين الجماعة الكثيرة أحفظ منه بين الجماعة اليسيرة، ولهذا قال الله تعالى: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) (١) فإذا كان كذلك كان خبر الجماعة أولى بالحفظ والضبط.
ولأن خبر لأعلم الأتقن أولى بالتقديم عندهم؛ لأن مع الأعلم من الضبط ما ليس مع غيره، كذلك يجب تقديم خبر الجماعة لهذا المعنى.
ولأن الخبر إذا كان أكثر رواة، فهو أقرب إلى الصواب وأبعد من الخطأ، وأشبه بالثواب، فوجب تقديمه والأخذ به.
ولأن كثرة العدد لها تأثير (٢) في إيجاب العلم؛ لأن المخبرين إذا بلغوا عدداً مخصوصاً وقع العلم بمخبرهم، وإذا كانت كثرة العدد طريقاً إلى العلم، وجب أن يكون الخبر الذي حصلت هذه المزية له أقوى من الخبر الذي لم يحصل فيه ذلك.
ولأن كثرة وجوه الشبه لما كانت موجبة لقوة ما يثبت من طريق الشبه وجب أن يكون كثرة رواة الخبر موجباً لقوة ما ثبت بالخبر؛ لأن طريق الحكم بالقياس هو من جهة السنة، كما أن الحكم بالخبر هو من جهة الخبر.
واحتج المخالف:
بأن خبر الواحد وخبر الجماعة التي لا يقع بها العلم سواء؛ لأن طريق كل واحد منهما غلبة الظن.
---------------
(١) (٢٨٢) سورة البقرة.
(٢) في الأصل: (تأثيراً) .

الصفحة 1022