كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 3)

أن البيع يحرم بوجود شرط واحد ويفسده، وإباحته لا تحصل إلا بعد كمال شرائط الإباحة.
واحتج: بأن الشيء الواحد يستحيل أن يكون محظوراً على الواحد في وقت مباحاً له في ذلك الوقت، كما يستحيل أن يكون الواحد بمكة وبغداد في يوم واحد، وقد ثبت أن أربعة لو شهدوا على رجل أنه رُئِيَ يوم النحر بمكة، وشهد أربعة آخرون أنه رئِيَ في ذلك اليوم ببغداد، أو شهد عليه شاهدان أنه قتل زيداً يوم النحر بمكة، وشهد آخران أنه قتل عمراً ذلك اليوم ببغداد، أن شهادة الجميع تسقط، كذلك إذا ورد خبر بحظر شيء، وورد آخر بإباحة ذلك الشيء في وقت واحد، وجب أن يسقط الخبران.
والجواب: أن الشهادة كانت على حقيقة الفعل، فلهذا استحال وجود الفعل منه بمكة وببغداد في يوم واحد، وكذلك يستحيل قتله لزيد يوم النحر، و [قتله لعمرو في ذلك اليوم بـ] بغداد، تهادرت البينتان، وليس كذلك الخبران بإباحة الشيء وحظره؛ لأنهما يوجبان ذلك [١٥٧/ب] الشيء من طريق الحكم، ويجوز أن يكون الشيء مباحاً في الأصل، ثم يحظره النبي [صلى الله عليه وسلم] ويخفي علينا الباقي، ونظير هذا من الشهادة أن يتعارضا في الملك المطلق وأحدهما خارج، فإنما تقدم بينة الخارج.
واحتج: بأنه لو أخبر بطهارة الماء واحد. وأخبر غيره بنجاسة ذلك الماء، ولم يكن لأحد المخبرين مزية على الآخر، ولا كان للمخبر رأي يعمل على الغالب منه، أنهما يسقطان، ويبقي الماء على أصل الطهارة وكذلك لو أن رجلين أخبر أحدهما بأن هذا اللحم ذبيحة مجوسي، وأن هذا الشراب خالطه خمر، وأخبر آخر أن ذلك حلال طاهر، ولم يكن للمخبر رأي يعمل على ما يغلب في رأيه: أن الخبرين يسقطان، ويبقى الطعام والشراب على أصل الإباحة، كذلك إذا عدم التاريخ بين خبري الحظر والإباحة، يجب أن

الصفحة 1043