كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

تعداده. وهذا بمنزلة المذهب الذي هو حقيقة في الطريق وفي القول والاعتقاد (١) .
فإن قيل: الذي تعلق بمشاقة الرسول وباتباع غير سبيل المؤمنين، فثبت أنه لا يتعلق بأحدهما على الانفراد.
قيل: مشاقة الرسول محرمة بانفرادها، وإن لم يكن هناك مؤمن، فدلَّ على أن التوعد على كل منهما بانفرادِه، وهذا مثل قِوله تعالى: (وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ الله إلهاً آخَرَ وَلاَ يَقتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بالْحَق وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) (٢) ، فجمع بين هذه الأفعال في الوعيد، وكان منصرفاً إلى كل واحد منهما (٣) .
---------------
(١) يقول الأزهري في تهذيب اللغة (٦/٢٦٢-٢٦٦) . (والمَذهَب: مصدر كالذهاب) .
ويقول ابن فارس في معجم مقاييس اللغة (ط/٣٦٢) : ( ... وبقى أصل آخر، وهو ذهاب الشيء: مُضِيه، يقال: ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهَابَاً وذُهوباً، وقد ذهب مَذهباً حسناً) .
من هذين النصين يتبين أن المذهب، معناه: المضى في الشيء في أصل اللغة ولكنهما لم يوسعا المدلول، غير أن صاحب القاموس (١/٧٠) يبين ذلك بصورة أوسع، حيث يقول (.... المَذْهَبُ: المُتَوضأ والمُعْتَقد الذي يذهب إليه والطريقةُ والأصلُ) .
وقريب من ذلك ما قاله صاحب المصباح المنير (١/٣٢٣) ( ... وذهب مَذْهب فلان قَصَد قصْده وطريقته، وذهب في الدين مَذْهباً: رأى فيه رأياً) .
فمن هذين النصين يتبين لنا: أن ما ذهب إليه المؤلف صحيح، وأن ذلك الاستعمال حقيقة.
إلاَّ أن الزمخشريَّ في كتابه أساس البلاغة (١/٣٠٧) يرى أن استعمال المذهب في القول والاعتقاد من باب المجاز.
(٢) آية (٦٨) من سورة الفرقان.
(٣) في الأصل: (منهما) ، وهو خطأ؛ لأن الضمير عائد على جمع.

الصفحة 1067