كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

المتقدم. ألا ترى أن سنة النبي -عليه السلام- لما منعت الخلاف، قطعت الخلاف، بدليل أن النبى - صلى الله عليه وسلم - لو غاب عن الصحابة، واختلفوا -وهو غائب- في الحكم على قولين، ثم قدم النبى - صلى الله عليه وسلم -فأخبروه (١) بما كانوا عليه، فأخبرهم بالحق في واحد منهما (٢) ، زال الخلاف، كذلك إجماع التابعين.
والجواب: أنه يبطل بالإجماع من إحدى الطائفتين بعد موت الطائفة الأخرى، فإنه يقطع الخلاف في المستقبل، ولا يرفع الخلاف [١٦٦/ب] المتقدم.
وأما الفصل بين إجماع التابعين وسنة النبى فظاهر، وذلك أن الاجتهاد في زمن النبى - صلى الله عليه وسلم - مختلف فيه:
فمنهم من أجازه، وقال: لا يستقر.
ومنهم من قال: لا يسوغ، لأن النص مقدور عليه.
وإذا كان كذلك لم يثبت ما اختلفوا فيه في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا جاءت سنة لم يرفع ما كان باقياً، وإنما ثبت الحق، وإجماع التابعين ها هنا يتضمن إسقاط إجماع الصحابة.
واحتج: بأن إجماع التابعين حجة، وقول واحد من الطائفتين ليس بحجة.
والجواب: إنما يكون حجة مقطوعاً عليها، إذا لم يتقدمه اختلاف الصحابة فأما مع تقدم ذلك، فإنه يخرج عن كونه حجة.
---------------
(١) في الأصل: (فأخبره) .
(٢) في الأصل: (منها) .

الصفحة 1112