كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

يقول به، بطل أن يكون إجماعهم صادراً عن القياس؛ لأن ذلك يوجب كون الشىء مجمعاً عليه ومختلفاً فيه.
والجواب: أن الإجماع عند داود إجماع الصحابة، ولا نسلم أنه كان منهم من لا يقول بالاجتهاد، ولا في التابعين.
وما روي من ذم القياس عن بعضهم (١) ، فإنما أراد به مع وجود النص المخالف للقياس.
وقد أجيب عنه بأن النافي للاجتهاد قد تناقض، فيثبت الحكم من طريق الاجتهاد، ويخفى عليه وجهه، كما ادعينا على داود أنه أثبت أحكاماً من طريق الاجتهاد مع مخالفته فيه.
وجواب آخر، وهو: أنه باطل بخبر الواحد والعموم، فإنه لا يخلو عصر إلا وفيه من ينفى خبر (٢) الواحد، ويمنع صحة العموم، ومع هذا فلا خلاف أن الإجماع ينعقد بكل واحد منهما.
واحتج: بأن العدد الكثير لا يتفق اختيارهم لأمر واحد، واستحسانهم له؛ لأن الله تعالى باين بين الطباع، وخالف بين الدواعي والهمم، ولهذا لا يصح اتفاقهم على وضع كذب، وانتحال (٣) شعر، واختيار كلام.
والجواب: أن هذا خطأ؛ لما بيّنا من اتفاق رأيهم على ما ذكرنا.
---------------
(١) ذكر منها البيضاوي في المنهاج ثمانية آثار خرجها الحافظ العراقي ضمن ما خرج من أحاديث المنهاج ص (٣٠٩-٣١٠) العدد الثاني من مجلة البحث العلمي التي يصدرها مركز البحث العلمي وإحياء التراث الاسلامي في كلية الشريعة بمكة المكرمة عام ١٣٩٩هـ تحقيق الأستاذ صبحي السامرائي وسيأتي لهذه الآثار ذكر -إن شاء الله تعالى- في باب القياس.
(٢) في الأصل: (حتى) وهو خطأ.
(٣) في الأصل: (انتخال) بالخاء المعجمة.

الصفحة 1129