كتاب العدة في أصول الفقه (اسم الجزء: 4)

قيل: لا حكم لقولهم في أحكام الشريعة، كما لا حكم لقول الصبيان والمجانين ووجوده وعدمه سواء.
فإن قيل: العامة مكلفون، والصبيان والمجانين غير مكلفين.
قيل: العامة لم يكلفوا الاجتهاد في الأحكام، بل منعوا منه، فلا فرق بينهم في ذلك.
ولأن العامة محجوجة بقول أهل العلم، فوجب أن لا يُعتبر رضاهم به، كما أن الأمة لما كانت محجوجة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعتبر رضاهم به، وكذلك أهل [١٧٠/أ] العصر الثاني مع أهل العصر الأول.
ولأنهم يلزمهم الرضا بما اتفق أهل العلم عليه، وما وجب الرضا به، لم يكن لعدم الرضا حكم، وكان وجوده وعدمه سواء.
واحتج المخالف:
بقول النبي -عليه السلام- (لا تَجْتمعُ أُمَّتي على ضلالة) : و (لا تَجْتمعُ على الخطأ) ، والعامة من الأمة، فوجب أن يعتبر إجماعهم مع أهل العلم.
والجواب: أن المراد به أهل العلم والاجتهاد، ولا مدخل للعامة فيه، وإن كانوا من الأمة، كما لا يدخل الصبيان، وإن كانوا من الأمة.
وقد قيل: إن هذا لا يوجد؛ لأن عامة المسلمين يتبعون الأئمة من أهل العلم، ولكل فريق منهم إمام، يتبعونه، ويعتقدون (١) قوله، فلا يجوز أن يخالف أحد منهم فيما اتفقوا الجميع (٢) .
---------------
(١) في الأصل: (يعتقد) .
(٢) لأن العامي في هذا الباب جاهل، ومن كان كذلك فلا يعتبر بوفاقه أو خلافه، فالواجب عليه أن يترك ذلك لأهله، ورحم الله امرأً عرف قدره.
انظر المستصفى (١/١٨٢) .

الصفحة 1134